تحيط بوادي سدير صحراء الدهناء شرقًا، ونفود الثويرات شمالاً، ووادي العتك جنوبًا، ووادي الجريفة غربًا. تفصله هذه التضاريس الغنية عن بقية الأقاليم ليكون سدير إقليمًا متميزًا بأرضه، وبحدوده الطبيعية اللافتة عند الرحالة الأوائل والمؤرخين.

سدير في الأصل اسم لقرية قديمة تقع ضمن نطاق الإقليم غلب عليه اسمها ليشمله كله، والاسم في الأصل تصغير للسدر الشجر المعروف. قال نابغة بني شيبان:

أرى البنانة أقوَت بعد ساكنها

فذا سُدَير وأقوى منهم أُقُر

يقع إقليم سدير في الجهة الشمالية من مدينة الرياض، ويبعد عنها نحو 180 كيلومترًا. وقد جرى مسح لإقليم سدير ومراكزه في عام 1417هـ، قامت به "وكالة الآثار والمتاحف السعودية" سابقًا، تبيّن فيه ما يثبت استيطان سدير في العهود القديمة السابقة لظهور الإسلام، فضلاً عن استيطان سدير في العهود الإسلامية. فقد سكن وادي سدير قبائل عربية عدة، من بادية وحاضرة في العصر الإسلامي وما قبل الإسلام، مثل قبائل عكل، وضبة، وعدي، والصمان، وتميم. كونها من أشهر الأقاليم الزراعية منذ القِدم، لخصوبة تربتها، ووفرة مياهها، حيث تزخر بالآبار والعيون، وتتعدد غلّاتها الزراعية من حبوب وفواكه، إلا أن الغالب فيها هو زراعة النخيل. يقول الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب»: ثم تمضي في بطن الفقي - والفقي هو المسمى القديم لوادي سدير - وهو وادٍ كثير النخل والآبار. ثم يسهب في ذكر النخيل والزروع والآبار فيه. ولكثرة إنتاج سدير من الحبوب والتمور المجففة، ابتكر أهلها مكيالاً خاصًا بهم، ذاع صيته فيما بعد، وسُمي بصاع سدير.

أشهر أودية سدير

وادي سدير أو وادي الفقي قديمًا، هو وادٍ ينحدر من أعالي جبال طويق، ويمتد من الغرب إلى الشرق، ويقع على ضفتيه عدد من القرى والبلدات. وقد أنشأت عليه الحكومة سدًّا يُعد من أكبر سدود المنطقة الوسطى. كما يوجد في الإقليم أودية أخرى لا تقل أهمية عن وادي سدير، مثل وادي أراط. أما وادي أبا المياه، فقد سُمي بهذا الاسم لكثرة المياه في منخفضاته، بينما يُعد وادي الكلبي من الأودية المهمة لمزارع مدينة المجمعة، وهو أحد روافد وادي المشقر الكبير. وينحدر وادي المشقر من جبال طويق، ويتجه شرقًا مارًا بمحافظة المجمعة، ومدينة حرمة، ليستمر في الجريان باتجاه الشمال بمحاذاة جبال طويق الغربية مسافة تقارب مئة كيلومتر، ويعد من أجمل أودية المملكة، ويشبه في اتساعه وجريانه الأنهارَ العظيمة، وكثيرًا ما يستمر بالجريان أشهرًا عديدة. يقول أبو ذؤيب الهذلي يرثي نفسه وذاكرًا لوادي المشقر:

 

حتى كأنيّ للحوادث مروةٌ

بصفا المشقّر كل يوم تُقرَعُ

 

مدن وقرى

يضم إقليم سدير مدنًا وقرى يتجاوز عددها الخمسين، مثل المجمعة، وحرمة، وروضة سدير، وحوطة سدير، وعودة سدير، والتويم، والعطار، والدالة، وجوي، والحصون، والمعشبة، وعشيرة سدير، والخطامة، والتويم، والجنيفي، وجنوبية سدير، وحائر سدير، وجلاجل التي حصلت على جائزة أفضل المدن الصحية، نظير اجتيازها لتقويم منظمة الصحة العالمية لمعايير المدن الصحية.

المجمعة

هي عاصمة الإقليم، ومركز محافظة المجمعة، وأكبر مدنها، وبها جامعة المجمعة. تأسست المجمعة عام 820هـ، لكن الآثار والمعالم التاريخية، مثل مقابر بني هلال، فضلاً عن النقوش والكتابات التي تزخر بها المدينة، تدل على قِدمها وتوغلها في عمق التاريخ. يوجد فيها ما يستحق الزيارة غير التضاريس. هناك البلدة التراثية التي جرى تأهيلها في وسط المجمعة لتكون وجهة سياحية لمحبي التراث والعمارة الطينية القديمة.

حرمة

تقع مدينة حرمة شمال المجمعة، وهي مدينة صغيرة بملامح المدن الكبرى، يحتضنها وادي الباطن حيث يلتقي عنده كلٌّ من وادي الكَلْبي ووادي المشقر في بحيرة سدِّ حرمة، وهو سدٌّ كبير يبلغ طوله نحو 400 متر، شيّده أهالي حرمة بالحجارة منذ مئات السنين، ثم نظّمت وزارة الزراعة تصريف سيوله عبر قنوات اصطناعية إلى مزارع حرمة، ويفصل هذا الوادي مدينة حرمة عن مدينة المجمعة.

 

روضة سدير

تقع جنوب المجمعة، وكانت منتجعًا يرده العرب، وتلقّب بالمدينة الخضراء، لما تتمتع به من وفرةٍ في المياه العذبة فضلاً عن اتساع الرقعة الزراعية فيها، إلى جانب كثرة حدائقها ومتنزهاتها المبهجة وطبيعتها البكر. تضم المدينة عددًا كبيرًا من المباني الأثرية والتراثية، لاسيما المساجد والمدارس القديمة.

من أبرز معالم روضة سدير سد السبعين وهو سد تاريخي. بناه الفارس رميزان بن غشام عام 1079هـ، أي في القرن السابع عشر الميلادي. وهو مكون من 70 فتحة على شكل قناطر، وقد بني من الأحجار وبهندسة قل مثيلها في ذلك الزمن وفي تلك الأماكن. وقد كان الأهالي يضربون به الأمثال فيقولون: «صبة السبعين»، دلالة على قوة السيل الذي يصب من بين فتحاته. واليوم، أصبح سد السبعين معلمًا تراثيًا وهندسيًا شاهدًا على حقبة مضت. وقد جرى بناء سدِّ روضة سدير الحديث عام 1977، ويُعد من أكبر سدود المملكة العربية السعودية في المنطقة الوسطى.

عودة سدير

هي موطن الشاعر الأموي الكبير ذي الرّمة، شاعر الحب والصحراء، الذي أجاد وصف الطبيعة الصحراوية بحيواناتها ونباتاتها وجبالها ورمالها، وفيه قال أبو عمرو بن العلاء: «ختم الشعر بذي الرّمة، والرجز برؤبة بن العجاج». وقال جرير: «لو خرس ذو الرّمة بعد قوله قصيدته التي أولها - ما بال عينك منها الماء ينسكب - لكان أشعر الناس». أعيد ترميم كثير من بيوت العودة وقصورها وأبراجها الطينية، حتى باتت تُجَسّد الماضي بكل أبعاده، وأضحت مزارًا سياحيًا جاذبًا لكلِّ مَن يعشق التراث وماضي الأجداد.

أشهر رياض سدير

يشتهر إقليم سدير بكثرة الروضات والفياض التي تكتسي بحلل الخضرة الربيعية والأزهار في كل عام بعد موسم الأمطار، فتغدو متنفسًا لأهالي سدير على وجه الخصوص، ولمنطقة الرياض قاطبة، مثل روضة التنهات، وروضة مطربة والخفيسة، وروضة الزلعاء، وروضة زيدة، وروضة المجمع، وروضة النظيم، وروضة الخشم، وروضة السبلة، وروضة حطابة، وروضة المزيرعة، وروضة الحيرا، ورياض الحمادة، ورياض العبلة، وروضة بناء.

 

سدير.. موقع رصد الأهلة

يُعرف إقليم سدير بأنه الموقع الذي يجري فيه رصد الأهلة وترائيها، لاسيما هلال رمضان. وقد جرى اختيار الموقع بناءً على معطيات فريق علمي متخصص من أساتذة الفلك بجامعة الملك سعود، وفريق علمي متخصص من المركز القومي الفلكي الياباني، الذي زار جامعة المجمعة إبان افتتاح المرصد، وأكدوا حسن اختيار الموقع بوصفه أفضل موقع للرصد، يقوم باستخدام ثلاثة تلسكوبات فلكية إلكترونية متخصصة، إلى جانب الدرابيل والمناظير الصغيرة، حيث يُقدّم المرصد جملةً من الخدمات المتخصصة كالحسابات الفلكية، والتقاويم الهجرية، واتجاه القبلة، وغير ذلك.

 

 

x
You are looking for