من قلب صحراء العُلا المهيبة، انطلق سباق طواف العُلا 2025، الحدث الرياضي المُنتظَر الذي يضم نخبةً من أمهر درّاجي العالم. بدأت المرحلة الأولى للسباق من محطة قطار المنشية، لتشق طريقها وسط المناظر الطبيعية الخلابة التي تزخر بها هذه الواحة التاريخية، تحت أنظار عشّاق الرياضة والدراجات من مختلف أنحاء العالم.

في هذا الحدث الرياضي المرموق، الذي يضم أبطالًا أولمبيين، وفائزين بمراحل في سباقات عالمية كبرى، وأبطالًا أوروبيين، لم تقتصر الأضواء على النجوم فحسب، بل كانت العُلا نفسها نجمةً ساطعة لهذا الحدث. فبمساحاتها الصحراوية الشاسعة، وتكويناتها الصخرية التي تحبس الأنفاس، وتاريخها العريق الذي يروي حكايات الحضارات القديمة، تألّقت هذه المنطقة الواقعة في شمال غرب المملكة العربية السعودية كوجهة لا غنى عنها لمحبي الثقافة، والتراث، والاستكشاف.

تمكّنت العُلا من ترسيخ مكانتها كوجهة رائدة لركوب الدراجات. فطواف العُلا، الذي يقام حاليًا بنسخته الخامسة، هو خير دليل على ذلك. لعب هذا الحدث الرياضي الهام، المدرج في تقويم الجولة الآسيوية المعتمدة من قبل الاتحاد الدولي للدراجات، دورًا محوريًا في تطوير رياضة ركوب الدراجات على مستوى المنطقة.


بعد انطلاق المرحلة الافتتاحية يوم الثلاثاء، شارك 25 طالبًا وطالبة في جولة تدريبية، بقيادة مروج عادل، نجمة فريق جايكو العُلا وأول متسابقة دراجات سعودية محترفة. لم يكن الأطفال مجرد متفرجين في هذا الحدث، بل كانوا جزءًا فاعلاً منه. فبالإضافة إلى تعرفهم على رياضة ركوب الدراجات، فقد عاشوا لحظات مثيرة مع انطلاق السباق، حيث قاموا بتشجيع المنتخب السعودي بحماس، وتبادلوا التحيات مع الدراجين العالميين. كما شاركوا أيضًا في سباق مخصص لهم، ما أدخل البهجة والسرور إلى قلوبهم.

تتجاوز أهمية طواف العُلا كونه مجرد سباق نخبوي، إذ يمتد تأثيره إلى إلهام الجيل القادم من الدراجين. فمن خلال الجولات التدريبية وسباقات الصغار طيلة أيام الحدث، يتعرّف المزيد من الأطفال على رياضة ركوب الدراجات، ما يجعل الطواف احتفاءً بهذه الرياضة وفرصة لإعداد أبطال المستقبل.

شهدت مسارات الدراجات في العُلا تطورًا ملحوظًا، حيث تم توسيع الشبكة المخصصة من 45 كيلومترًا في الجزء الجنوبي إلى 68 كيلومترًا، بإضافة 23 كيلومترًا جديدًا في المنطقة الشمالية، بما في ذلك الحجر وشِلال. يجعل هذا التوسع الكبير العُلا وجهة مثالية للدراجين من جميع المستويات، سواء كانوا محترفين أو هواة.

أعرب ديلان جرونويجن – الفائز بالقميص الأحمر لأفضل درّاج من حيث مجموع النقاط في نسخة 2024 من طواف العُلا، والحاصل على ألقاب في العديد من السباقات الدولية، عن انطباعه بقوله: "في العُلا، تتخذ رياضة ركوب الدراجات بعدًا جديدًا كليًا فالمشهد هنا لا يشبه أي مكان آخر، حيث تتناغم الصحراء الشاسعة مع التكوينات الصخرية الفريدة، ما يخلق تجربة لا تُنسى. الطرق واسعة، والرياح قوية، والرمال تضفي تحديًا إضافيًا، لكن النتيجة هي إحساس فريد لا يُضاهى. إنه مزيج من الإثارة والجمال، تجربة جديدة كليًا تأسر الحواس. ولا يمكن للمرء أن ينسى روعة صخرة الفيل، التي تتألق ليلاً بأضواء ساحرة، وتضفي على المكان رونقًا خاصًا."

يمتد التزام العُلا بالرياضة أبعد من استضافة طواف العُلا، الذي يُنظَّم بالتعاون بين الهيئة الملكية لمحافظة العُلا ووزارة الرياضة، والاتحاد السعودي للدراجات، والاتحاد الدولي للدراجات. تولي الهيئة الملكية لمحافظة العُلا اهتمامًا خاصًا برعاية الجيل القادم من الدراجين السعوديين، عبر إطلاق مبادرات محلية وفعاليات مجتمعية لتطوير مهارات الشباب في هذا المجال، وتشجيعهم على اتخاذ ركوب الدراجات نمط حياة صحي يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030.

وبينما تتوالى مراحل طواف العُلا 2025، تواصل العُلا إثبات مكانتها كوجهة عالمية المستوى لرياضة ركوب الدراجات. إذ تتيح بنيتها التحتية ومساراتها المتنوعة فرصة للمحترفين للتنافس على أعلى المستويات، وللهواة لخوض مغامرة مميزة في أجواء تجمع بين عراقة الماضي وروعة الطبيعة.

x
You are looking for