تشكل الصناعات الجلدية في المملكة العربية السعودية، لا سيّما في منطقة نجران، جزءًا لا يتجزأ من التراث الشعبي والثقافي العريق. فهي تعكس الحرفية العريقة والأصالة الراسخة في هذه المنطقة، حيث تحمل كل قطعة جلدية بصمة فنية تعبّر عن مهارة وإبداع الأجيال المتعاقبة. مع اهتمام المملكة بتراثها الوطني من خلال رؤية 2030، شهدت هذه الصناعات تطورًا ملحوظًا في أساليب الإنتاج وتنوعًا في المنتجات.

تشمل الصناعات الجلدية في نجران طيفًا واسعًا من المنتجات التي تعتمد على الجلد كمادة أساسية، مثل الأحذية، والحقائب، وأدوات الزينة، والملابس، وحتى قطع الأثاث وكماليات السيارات. تحظى هذه المنتجات بشعبية كبيرة داخل وخارج المنطقة، لما تتميز به من جودة عالية، ومتانة، وجمال في التصميم.


تمرّ عملية تصنيع الجلد الطبيعي في نجران بمراحل دقيقة تبدأ بتحويل جلود الحيوانات مثل الأبقار، والجمال، والأغنام، والماعز إلى مادة متينة ومرنة صالحة للاستخدام في إنتاج المنتجات الجلدية. تبدأ هذه العملية بتنظيف الجلد، وإزالة الشعر، ثم التخليل، والدباغة، متبوعة بمرحلة التجفيف والتمديد، وتنتهي بتقطيع الجلد وتحضيره للاستخدام.


لا تزال كثير من الصناعات الجلدية التقليدية قائمة حتى اليوم، مثل صناعة "الميزب" التي تستخدم لحمل الأطفال الرضع، و"المسبت" وهو حزام جلدي يلف حول الخصر، و"الزمالة" التي هي حاوية كبيرة لحفظ الأشياء الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، تشهد نجران تطورًا في إنتاج المنتجات الجلدية الحديثة مثل الحقائب وأدوات الزينة.


تُعد الصناعات التقليدية في نجران من أهم الفرص الواعدة لأفراد المجتمع وذلك في ظل توجه الدولة نحو تعزيز هذه الصناعات كجزء من الموروث الثقافي الوطني. ما يميز هذه الصناعات هو جودة المنتج، وتوافر المواد الخام المحلية، ما يجعلها قطاعًا يحظى بإمكانيات كبيرة للنمو والتطور.


بالإضافة إلى الجانب التراثي والثقافي، تسهم الصناعات الجلدية في نجران على نحو كبير في الاقتصاد المحلي. فهي توفر فرص عمل لكثير من الحرفيين والعاملين في هذا المجال، ما يعزز من الدخل الفردي ويحافظ على الحرف التقليدية من الاندثار. كما أن هذه الصناعات تساهم في تعزيز الهوية الثقافية للمنطقة، حيث ترتبط كثير من هذه المنتجات بمناسبات وأعراف اجتماعية، ما يضفي عليها قيمة رمزية إلى جانب قيمتها العملية.

x
You are looking for