تقع محافظة دومة الجندل بمنطقة الجوف شمال المملكة العربية السعودية وتعد من أجمل الوجهات شمال السعودية لقضاء الإجازات وأجمل الأوقات، واستكشاف التراث الثقافي المتنوع والمبهر الذي يسافر بالفكر إلى ماضي المنطقة الحضاري، ويأسر ألباب زوارها بجماليات الطبيعة الساحرة، ومواردها الجميلة من الزيتون والتمور، إلى جانب التعرف إلى طبيعة الحرف اليدوية المتقنة. إنها بلدة متعددة الأطياف متنوعة التضاريس، جعل منها موقعها الاستراتيجي موطنًا للمعالم الأثرية المبهرة، التي تطلق العنان لفضول زائريها للغوص في تفاصيلها والتمتع بمشاهدة إرثها الحضاري، الذي يتربع على قمته كل من قلعة مارد، ومسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الذي يتميز بمئذنته الصامدة.  

إضافة إلى ما تملكه دومة الجندل من تاريخ عريق, فهي تتمتع أيضًا بمواقع سياحية متميزة ذات طابع فريد جرى تأهيلها على النمط الحضاري المعاصر، فتتيح تجربة التمتع بالسياحة البحرية إلى جانب الطبيعة الخضراء. وكونها موطنًا لسياحة الشتاء شأنها في ذلك شأن مختلف الأماكن بمنطقة الجوف، فقد أهَّلها ذلك لأن تكون وجهة لعشاق التخييم ومحبي المغامرات المائية. 

 المواقع الأثرية 

تحفل المحافظة بكثير من المواقع الأثرية التي تعد مقصدًا للزوار من أنحاء المملكة. يأتي على رأس هذه المواقع: 

  

قلعة مارد 

تقع مارد في الطرف الجنوبي للبلدة القديمة بدومة الجندل، وقد شيدت فوق مرتفع صخري يطل على البلدة القديمة من الجهة الجنوبية، إذ يرتفع مستوى أرضيات القلعة عن مستوى مباني البلدة القديمة بنحو 25 مترًا تقريبًا. يعود تاريخ بناء القلعة إلى ما قبل العصر الإسلامي، إذ ورد ذكرها في ثنايا بعض الأخبار التي تحدثت عن محاولة الملكة «زنوبيا» إخضاع القلعة لسلطتها، حيث لم تستطع ملكة تدمر السيطرة على دومة الجندل وتيماء. كذلك تحدث ياقوت الحموي عن القلعة، وذكر أن حصن دومة الجندل يسمى ماردًا، وأن المدينة سُمّيت دومة الجندل، لأن حصنها شُيّد من حجر الجندل الصلب. 

 
مسجد الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه 

يُنسب المسجد إلى الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ويقع في دومة الجندل، وقد بني عام 17هـ، في أثناء عودة الخليفة من فتح بيت المقدس. بُني المسجد من الحجر المهذب والطين، وسقفه من الخشب والجريد وشكله مستطيل، أعيد ترميمه مرات عدة. تبلغ مساحته نحو 600 متر تـقريبًا، ويتميز بمئذنته الشهيرة الشامخة التي ما زالت قائمة على وضعها السابق، وتعد أقدم مئذنة قائمة حتى الآن. 

  

حي الدرع 

يتألف هذا الحي من أطلال تقع في وسط دومة الجندل ضمن المنطقة الأثرية بجوار مسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وبيوته حجرية متلاصقة، وأزقته متصلة بعضها ببعض، وبعضها مغطى بأقواس. جرى رصف هذه الأزقة بالحجارة عام 1413هـ. بعض بيوته تتألف من دورين ومسقوفة بالأثل وسعف النخيل. 

يتميز الحي بمبانيه الحجرية، وأزقته الواقعة بين البساتين ومسارب الماء التي كانت تؤمِّن الحياة لساكنيه من عيونها القريبة، إذ إن التجوال في هذا الحي يعرِّف الزائر بقايا هذا الزمن الذي لم تنقضِ آثاره، لتخلِّف شواهد تفيض بعبق التاريخ الذي يتسرب في ثنايا البنيان المتراصف في تجربة لا يعيشها الشخص إلا في مدينة تاريخية. يضاف إلى هذا كله موقع ديوانية القلعة ذات الوجبات التراثية وسط بيت النصار الأثري الذي بني على الطراز ذاته لاستحضار لحظات جميلة تقع بين الحاضر والماضي، يعزز حضورها عدد من المحلات التي تبيع منتجات الجوف التراثية والأسر المنتجة. 

  

مزارع النخيل والزيتون 

يستمتع زوار دومة الجندل بنمط مختلف من التنزه في مزارع الزيتون والنخيل التي تشتهر بها محافظة الجوف، التي تُسقى من الينابيع الصافية. تعيد هذه التجربة إلى الأذهان مزارع الأجداد القديمة التي دثرتها آلات الزراعة الحديثة اليوم، خصوصًا أن هذه المزارع تحفها من بعض الجوانب أسوار طينية وحجرية بنيت قديمًا. 

  

بحيرة دومة الجندل 

تحتل بحيرة دومة الجندل مسطحًا قدره مليون متر مربع، وهي نتاج لتجمع المياه الفائضة عن ري الأراضي الزراعية، يبلغ عمقها نحو 15 مترًا، ومكمن جمالها في وجودها وسط الصحراء، إذ اتخذها الأهالي وزوار المنطقة متنزهًا، خصوصًا مع وقوعها على مقربة من مسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وقصر مارد التاريخي. كما يشرف عليها من جهة الغرب نخيل دومة الجندل، إلى جانب الجبال التي تحيط بها من عدة نواحٍ. تعد البحيرة تأكيدًا للسير القديمة والحديثة التي تؤكد كثرة عيون دومة الجندل وآبارها اليدوية، وثراءها بالمياه.  

جرى تجهيز محيط البحيرة للمتنزهين للاستمتاع بتجربة الخروج إليها مع توافر الخدمات التي يبحث عنها الزوار كافة، من دورات المياه، والمسجد، وألعاب الأطفال، إلى جانب مقهى، ومرسى للقوارب وللدبابات البحرية، فضلاً عن المساحات الخضراء الواسعة. تتأكد فرص الاستثمار السياحي في هذه البحيرة مع ما تحظى به من إقبال كبير من قاصديها خصوصًا في مواسم الإجازات ونهايات الأسبوع. 

 
متنزهات 

تضم المحافظة عددًا من المتنزهات أبرزها متنزه لايجة البري, الذي جرى تجهيزه على مستوى متميز يليق بزواره، ويقع على الطريق الرابط بين طريق حائل الجوف. تبلغ إجمالي مساحة المتنزه 300 ألف متر مربع، وتحتوي على مسطحات خضراء، وجلسات ذات مظلات، إضافة إلى مناطق مخصصة للأطفال والألعاب. كما يحوي المتنزه عددًا كبيرًا من أشجار الزيتون والنخيل، وممرات للمشاة، فضلاً عن مواقع للشواء، والشاي، والقهوة، إضافة إلى سيارات خاصة لكبار السن وأصحاب الهمم. 

  

سياحة شتوية 

يتشكل جزء من منطقة الجوف من الامتداد الشمالي لصحراء النفود بما يحويه من كثبان مختلفة الاتساع، وقد يبلغ عرض الكثيب الواحد 100م. ويوفر ذلك بيئة ملائمة لرياضات: ركوب الجمال، والخيل، وسباق السيارات، وقيادتها على الرمال (أو ما يسمى محليًا بالتطعيس) أو ما يُعرف بسياحة الصحاري. 

تضم محافظة دومة الجندل «نفود لايجة» أحد المواقع التي تغطيها الرمال, وتعد مناسبة لرحلات المكشات، وهي الرحلة السياحية التي يعشقها السعوديون. يعد شمال المملكة من أجمل الجهات التي يقصدها عشاق الشتاء، بفضل ملاءمتها لسياحة التخييم، أحد الأنشطة المعروفة على مستوى المملكة عمومًا وفي منطقة الجوف خاصة، وإن كانت تنشط في مواقع محددة أكثر من غيرها، مع تنوع بيئات المنطقة من سهلية، ورملية، وجبلية، وهضابية، وصحراوية، وهو ما يمنح المنطقة كل المقومات الطبيعية لازدهار سياحة التخييم وتوسعها. 

تضم المنطقة عددًا من المخيمات الجاهزة للتأجير هناك لقضاء أجمل الأوقات مع دخول فصل الشتاء، وانخفاض درجات الحرارة وملاءمتها للمكشات، فضلاً عن الاستمتاع بأجواء الحياة البدوية التي لا تزال تحتفظ منطقة الجوف بإرث كبير منها ولا يزال راسخًا خصوصًا على الأطراف الصحراوية من المنطقة، إذ يحيا بعض السكان في تقاليدهم اليومية على نمط حياتهم البدوية البسيطة التي تغري كثيرين للاستمتاع بها، ومعرفة كثير حولها عبر زيارة مخيماتهم، ومواقع سكان البادية. 

x
You are looking for