في أجواء شتوية تنبض بالحياة والدفء، تزهو محافظة الريث بأنوار التراث وأصداء الماضي العريق في إطار مهرجان شتاء جازان الذي تتواصل أنشطته لمدة شهرين ويحمل هذا العام اسم "أجمل وأدفأ"، مجسدًا أحد أبرز الفعاليات الثقافية والتراثية في المملكة العربية السعودية.

في سياق تعزيز الهوية الثقافية والتراثية لمنطقة جازان، تلعب محافظة الريث دورًا محوريًا في تقديم الفنون الشعبية بوصفها جزءًا من النسيج الثقافي السعودي. تأتي هذه الفعاليات لتؤكد على أهمية الحفاظ على التراث اللامادي ونقله عبر الأجيال، حيث تشكل الرقصات والأهازيج جسرًا يربط بين الماضي والحاضر، موفرةً بذلك فهمًا عميقًا للعادات والتقاليد التي شكلت الحياة الاجتماعية في المملكة عبر التاريخ.

تحت سماء قرية جازان التراثية، شهد مسرح القرية مساء الخميس الماضي، تظاهرة ثقافية تحتفي بالإرث الغني لمحافظة الريث ضمن برنامج "ليالي المحافظات التراثية". فقد تألقت فرقة الفنون الشعبية بمحافظة الريث بتقديم باقة منوعة من الرقصات والأهازيج الشعبية الأصيلة التي تختزل روح الموروث الشعبي للمنطقة، مثل السيف، والعرضة، والدلع، والزتيفة، والمعشى، والزامل، والعزاوي، معلنةً عن تجدد الحياة الثقافية والاجتماعية في هذا البقعة من المملكة.

شكلت الأزياء الشعبية الخلابة والتقليدية التي ارتداها أعضاء الفرقة لمسة فنية، حيث أضافت أبعادًا من الجمال والأصالة على العروض. وقد ساهمت هذه الفعاليات الغنية في إضفاء أجواء تراثية فريدة على زوار القرية، التي تحاكي في تصميمها ومكوناتها الحياة القديمة لمنطقة جازان بكل تفاصيلها الدقيقة.

تُعد ليلة الريث التراثية بمهرجان شتاء جازان دليلاً حيًا على الجهود المبذولة للحفاظ على الثقافة والتراث السعودي، مُقدمةً للأجيال الجديدة والزوار من أنحاء العالم تجربة غنية تربط الماضي بالحاضر، وتشكل جسرًا نحو مستقبل مشرق يحتفي بالأصالة والابتكار.

لا تجسّد مثل هذه المهرجانات فرصة للاحتفاء بالتراث الثقافي والفني للمملكة فحسب، بل تشكل أيضًا منصة لتعزيز السياحة ودعم الاقتصاد المحلي، موفرةً بذلك زخمًا كبيرًا نحو تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 بتنويع مصادر الدخل، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

بالإضافة إلى الأبعاد الثقافية والتراثية، تسهم هذه الفعاليات في تنشيط السياحة الداخلية وجذب الزوار من خارج المملكة، ما يعزز من مكانة جازان بوصفها وجهة سياحية رئيسة في المملكة. حيث يسلط "مهرجان شتاء جازان" الضوء على التنوع الثقافي والجمال الطبيعي للمنطقة، مقدمًا للزوار تجربة غنية ومتعددة الأبعاد تجمع بين الاستكشاف، والاستمتاع بالتراث الفريد، والجمال الخلاب للمنطقة.