في قلب الحدود الشمالية السعودية، وقبل ستة عقود من الزمن، ظهرت بذرة فنية قُدر لها أن تنمو لتصبح إحدى أبرز معالم الثقافة والفن في المنطقة. ترتبط بدايات السينما في هذه المنطقة الفاتنة ارتباطًا وثيقًا بمشروع خط الأنابيب المعروف بـ"التابلاين"، الذي لعب دورًا محوريًا في نقل النفط من قلب السعودية إلى أوروبا وأمريكا. ومع وجود عدد كبير من العاملين الأجانب المشاركين في هذا المشروع، كان لا بد من وجود وسيلة ترفيهية تجمع هذه الثقافات المتنوعة على أرض واحدة، فكانت السينما هي الوسيلة المثالية لذلك.

تأسست صالات السينما في هذه المنطقة لعرض الأفلام الأجنبية بمختلف اللغات، ما أتاح الفرصة للأهالي ليس فقط للتعرف على السينما ولكن أيضًا لارتيادها والاستمتاع بالفنون العالمية. وفر هذا التلاقي الثقافي واختلاط اللغات عبر شاشة السينما رافدًا تنمويًا لا يُقدر بثمن للمنطقة، وساهم في انتشار الفنون وتنوعها في الحدود الشمالية.


تمثل السينما، من حيث كونها أكثر الفنون تأثيرًا في المجتمعات، جزءًا لا يتجزأ من المشهد الثقافي والترفيهي في المناطق التي يمر بها خط "التابلاين". وقد أسهمت في نقل المعارف والتجارب وتوسيع آفاق المشاهدين، ما جعلها حجر الزاوية في انتشار الفنون السينمائية وتطورها في المنطقة.

يستذكر أهالي المنطقة بحنين كيف كانوا يتوجهون مع آبائهم إلى صالات السينما، ليس فقط كوسيلة ترفيه، بل كجزء من تجربة ثقافية مشتركة تجمع بين الماضي والحاضر، وتعكس بدايات اكتشاف النفط وتطور المجتمع.

تحكي سينما الحدود الشمالية قصة تطور ثقافي وفني فريد من نوعه، حيث تجاوزت كونها مكانًا لعرض الأفلام لتصبح رمزًا للتلاقي الثقافي والتطور الاجتماعي. من خلال شاشتها، نظر الأهالي إلى العالم واستقبلوا ثقافاته بأذرع مفتوحة، ما جعل من السينما سيمفونية تعزف ألحان الثقافات المتنوعة على أرض الحدود الشمالية.

في الوقت الحاضر، يشهد قطاع السينما في المملكة قفزات نوعية وتقدمًا كبيرًا، وذلك بسبب الجهود المتواصلة من مختلف الجهات لتعزيز هذه الصناعة التي تمثل أحد أهم القطاعات الثقافية وأسرعها نموًا. تُعد هذه النقلة النوعية في قطاع السينما دلالة واضحة على رغبة المملكة في فتح آفاق جديدة للثقافة والفن، ما يبرز التزامها بإثراء الحياة الثقافية لمواطنيها وفتح المجال أمامهم لاستكشاف وتقدير الفنون العالمية من خلال السينما. تمثل السينما اليوم نافذة على الثقافات العالمية وعنصرًا مهمًا في صناعة الترفيه، وتعكس السعي الدؤوب نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تنويع مصادر الثقافة والترفيه.

x
You are looking for