كانت عند الإغريق مهد الفلسفة والثقافة وموطن الفنون. فاسمها يعني الحكمة والعلوم. وقد ظلت على امتداد تاريخها، الذي يرجع إلى آلاف السنين، مركزًا مشعًا للحضارة. وهي اليوم إحدى أقدم المدن في العالم. أثينا مدينة منفتحة على العالم، والسبب وجود ميناء بيرايوس، أحد أكبر موانئ أوروبا على البحر المتوسط.
وجهة ثرية
تتميز أثينا بمناخها المناسب طيلة السنة بسبب دفئها وشمسها الساطعة في معظم أوقات العام، وتصل درجات الحرارة في أغسطس إلى ذروتها ارتفاعًا، بينما تعد بقية الفصول مناسبة وأفضلها الربيع.
موقع المدينة الجغرافي يعد أحد أهم أسباب تميزها، إذ يتيح للزائر القيام بعدد من الرحلات خلال وجهة واحدة هي أثينا. ينطلق الزائر من المرفأ الذي ترسو عنده السفن السياحية العملاقة في رحلة بين الجزر القريبة من المدينة بتكاليف منخفضة. بعض هذه الجزر القريبة يمكن قضاء يوم كامل فيها والعودة إلى أثينا، وبعضها جزر بعيدة، يتعين على الزائر الإقامة فيها، ومنها جزر سانتوريني، وكريت، ورودوس.
تاريخ وآثار
مع اللحظة الأولى للوصول إلى أثينا سيدرك الزائر أنه ولج إلى متحف مفتوح. فكل ما فيها يحكي قصة وتاريخًا وحضارة، وكل هيكل يشهد على أسطورة وحكاية. ولكن يبقى الأكروبوليس الذي يجسد الصورة الأبرز لليونان هو الوجهة الأهم. يقع أكروبوليس على تل صخري مسطح وسط المدينة، ويجسد أعظم تحفة معمارية باقية من العصر اليوناني القديم والوجهة الأثرية الأكثر أهمية في أثينا، إذ يحافظ هذا الموقع التاريخي على عبقه بين غيره من الآثار ومنها معبد أثينا نايكي، وبوابة بروبيليا، ونصب بارثينون الذي يعد أكبر نصب تذكاري في العالم جرى الحفاظ عليه بين أطلال الأكروبول، ويرجع تاريخه إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
من بين هذا الحشد التاريخي المذهل يهبط الزوار من أعلى التل ليتجولوا في أزقة حي بلاكا الساحرة المتعرجة التي تعد المنطقة الأكثر حيوية في المدينة بمنازلها الكلاسيكية، وأسقفها القرميدية الحمراء المحيطة بالأكروبوليس. هناك تصطف المقاهي التقليدية في الأزقة لتجذب الزوار إلى تناول مشروباتهم المفضلة في هذه الشوارع التي تحتفظ بروح أثينا العريقة.
من بين متاحف أثينا المتعددة، يبقى المتحف الأثري الوطني أحد أعظم المتاحف في العالم. يقف الزائر عند زيارته على كنوز تاريخية من التماثيل، والمنحوتات، والجواهر، والفخار التي تعود إلى الحضارات الغابرة التي خلّفت آثارها في أرجاء أثينا. من بين القطع الفريدة في هذا المتحف آلة غريبة ومذهلة تسمى أنتيكيثيرا. وهي آلة معقدة جدًا اخترعها الإغريق للحساب الفلكي لمواقع الأجرام والتنبؤ بالخسوف، ويرجع عمرها إلى نحو ألفي عام. وقد عُثر عليها بين حطام إحدى السفن القديمة.
تجارب مثيرة
ساحة موناستيراكي هي إحدى أكثر الساحات حيوية في أثينا، يتهافت الزوار على زيارة هذه الساحة والتنزه في أرجائها وتجربة متاجرها المحلية لاقتناء ما يرغبون فيه من منتجات. ينتشر في الأنحاء بعض الفنانين الذين يقدمون عروضًا مبتكرة لفن الشارع يشعر معها الزوار بأجواء المدينة الجميلة.
وغير بعيد عن المكان يقع تل ليكابيتوسهو الذي يستمتع فيه الزوار بمشاهد خلابة لطبيعة أثينا التي تصبح بالكامل في مرمى كل من يرتقي التل وصولاً بمد النظر إلى بحر إيجه. ينتظر الزوار حتى وقت غروب الشمس لمشاهدة الغروب في الأفق البعيد في تجربة لا تُنسى. هذه الرحلة يمكن تكرارها في موقع آخر هو معبد بوسيدون الواقع في كيب سونيون في أقصى نقطة جنوب شبه جزيرة أتيكا على بعد نحو 70 كيلومترًا من وسط أثينا. هناك يتاح للزوار مشاهدة الغروب في أجواء مثالية بعد رحلة تتخللها مشاهد ساحرة على طول الساحل الذي يرافق الزائر في وجهته إلى هذا الموقع.
يُفضل بعض الزوار الانغماس مع السكان المحليين عبر زيارة سوق أثينا المركزي الذي يعد أحد المواقع الغامرة بالحيوية. هناك حيث يذهب الراغبون في شراء المنتجات الغذائية من أسماك، ولحوم، وخضراوات.
مذاقات يونانية
في أثينا يبدأ الاحتفاء بالطعام اليومي مبكرًا مع الإفطار اليوناني اللذيذ، وتجارب الغداء والعشاء الرائعة في مطاعم أثينا التي تكتمل بها الجولات السياحية. يُنصح بالتوجه إلى المطاعم والمقاهي الأكثر شهرة في المدينة، ومنها مقاهي تافيرنا التي تقدم الأطباق اليونانية، وعلى رأسها الموساكا، والسلطة اليونانية، والمشاوي، وغيرها من الأطباق اللذيذة.
من التجارب الشهيرة التي يحرص زوار أثينا على خوضها زيارة مطعم كليماتاريا الذي يرجع تاريخه إلى عام 1927 حينما بدأ أفراد العائلة اليونانية التي أسست المطعم إبراز مهاراتهم في الطهي حتى ذاع صيت المطعم، وظل على امتداد عقود وجهة معروفة بالمدينة. وقد توارثت الأجيال اللاحقة من العائلة المهنة حتى اليوم الحاضر، وما زالوا حتى الآن يقدمون أطباق المطعم الشهيرة للزوار في أجواء يونانية خالصة. بينما في مطعم فارولكو الحائز نجمة ميشلان، يحظى الزوار بإطلالة مباشرة على شاطئ البحر، مع تناول ثمار البحر، والمأكولات البحرية بالصلصة المتوسطية.