في محفل جديد يحتفي بالفن في قلب الطبيعة، يعود مهرجان فنون العُلا بنسخته الرابعة، والذي انطلق في واحة العُلا بشمال غرب المملكة ويستمر حتى 22 فبراير 2025. يضم المهرجان برنامجًا حافلًا بالعروض الأدائية والمعارض والأنشطة الفريدة، بمشاركة نخبة من المبدعين السعوديين والعالميين من شتى التخصصات الفنية، حيث تُستلهَم رؤى تراث العُلا العريق وتُقدّم بأسلوب معاصر عبر أعمال فنية مُكلّف بها خصيصًا للمهرجان، تأكيدًا لدور العُلا التاريخي كملتقى للثقافات والأزمنة والحركات الإبداعية.

على مدار أعوامه الأربعة، أصبح هذا الحدث السنوي إحدى الركائز الأساسية ضمن أجندة «لحظات العُلا»، وفعالية فنية عالمية بارزة تقدّم لمحبي الثقافة والفن تجربة غامرة، كما تمثّل منصّة لاستكشاف الرؤية الإبداعية لعُلا، ماضيًا ومستقبلًا. وتعدُّ المناظر الطبيعية الخلابة في العُلا، وبيئتها الحضريّة المتفرّدة، ومجتمعها النابض بالحياة، عناصر أساسية تُثري التجربة الفنية وتمنحها عمقًا وجمالًا لافتًا. وإلى جانب هذا المشهد البصري الرائع، يقدّم المهرجان برنامجًا متكاملًا يرضي أذواق جميع الزوار بمختلف فئاتهم وخلفياتهم.

يسلّط المهرجان الضوء على أشكال متنوّعة من الفنون، من العروض الأدائية والتصوير الفوتوغرافي إلى الموسيقى والسينما، فيفتح آفاقًا جديدةً للإبداع، ويقود الزوّار في رحلة حسية شاملة لاكتشاف العُلا بمختلف تفاصيلها، بدءًا من المناظر الأخاذة ووصولًا إلى الأصوات والملامس والنكهات والروائح الساحرة.    


يأتي في طليعة الفعاليات «وادي الفن»، المشروع المستمرّ الذي يهدف إلى تحويل العُلا إلى وجهة ثقافية عالمية للفن المعاصر على مساحة 65 كيلومترًا مربعًا من المناظر الطبيعية الخلابة، حيث ستُقام أعمال فنية دائمة لفنانين عالميين. كما يشهد المهرجان مشاركات متنوّعة لشركاء آخرين مثل متحف الفن المعاصر المرتقب في العُلا، ومدرسة الديرة، وفيلا الحِجر، ومساحة العُلا للتصميم، ومركز العُلا للموسيقى، وسينما الجديدة، وأثر جاليري، ومؤسسة خولة للفن والثقافة وغيرهم الكثير.

وتتصدّر الفعالية منطقة حي بالجَدِيدة للفنون، حيث تجتمع معارض الفن والتصميم بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى مساحة مركزية تقدّم برنامجًا عامًا متنوعًا يشتمل على ورش عمل وجلسات تعليمية وحوارات فنية موجهة للكبار والعائلات.

وفي تعليقها على هذا المشهد الإبداعي الثري، قالت نورة الدبل، المديرة التنفيذية لقطاع الفنون والصناعات الإبداعية في الهيئة الملكية لمحافظة العُلا:

"مهرجان فنون العُلا هو تجسيدٌ لرؤيتنا بتحويل العُلا إلى مركز عالمي للتبادل الثقافي. ويجمع برنامج هذا العام طيفًا متنوعًا من الأعمال الفنية الطموحة التي تستلهمها العُلا بطبيعتها الفريدة، مؤكدًا مكانتها بوصفها ملتقىً للحضارات والحِرَف والأزمنة. نتطلع إلى تفاعل الزوّار مع هذه الأعمال الفنية والمجتمع والأماكن المختلفة في العُلا، حيث ينسج الفن المعاصر حوارًا متواصلًا مع التراث العريق والطبيعة الساحرة."


فيما يلي لمحة سريعة عن أبرز الفعاليات والمعارض المنتظرة خلال المهرجان:

المعارض

وادي الفن يقدم جيمس توريل (من 16 يناير إلى 19 أبريل): يستضيف هذا المعرض أعمال الفنان الرائد في مجال الضوء والفضاء، جيمس توريل، بتكليف خاص من «وادي الفن». تحت إشراف القيِّم الفني مايكل غوفان، الرئيس التنفيذي لمتحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون (LACMA)، يربط المعرض بين أعمال توريل السابقة ومشروعه الطموح الجاري تطويره في «وادي الفن». ويقدِّم للزوّار تجربة استثنائية في عالم الضوء والفضاء، عبر أعمال تركيبية ضوئية ورسومات وخطط تفصيلية، بالإضافة إلى خريطة نجمية تتعلّق بمشروعه المقبل في العُلا.

مها ملوح: خواطر (16 يناير إلى 19 أبريل): يقام هذا المعرض في حيّ الجَدِيدة للفنون، حيث تُعرَض أعمال الفنانة السعودية مها ملوح في الهواء الطلق تحت سماء العُلا. يسلّط المعرض الضوء على دور التمثيل في صياغة إدراكنا البصري الواعي، متناولاً تأثيره في فهمنا للعالم من حولنا ضمن سياق تتقاطع فيه الفلسفة وعلم النفس. يدعو المعرض الجمهور إلى التأمّل في هذه الرؤى من زاوية النظريات الواقعية، ومقارنة أساليب التمثيل البصري فيما يتعلق بالإدراك. ويأتي هذا الحدث استعدادًا لافتتاح متحف الفن المعاصر المرتقب في العلا، حيث سيحظى الزوّار بفرصة التعرف إلى الفنانين، وذكرياتهم، والدور المحوري للممارسات الفنية.


طارق عطوي: بيت الهمس (16 يناير – 16 أبريل): خلال مهرجان فنون العُلا، ستتحوّل «مساحة الورشة» إلى منصّة للممارسات الصوتية والفنية المعاصرة، مع تركيز خاص على التعليم والارتجال والأبحاث الصوتية، إضافةً إلى إنتاج العمل الجديد الذي كُلِّف به الفنان طارق عطوي خصيصًا للعُلا. في هذه المساحة، تتوفّر فرصة للتعاون بين الفنانين المحليين من العُلا والمملكة، والفنانين العالميين، حيث يُشجَّع الحضور على التفاعل مع التركيب الفني والآلات الموسيقية المتنوعة في المكان.

مساحة العلا للتصميم: من الجذور إلى النور (16 يناير إلى 19 أبريل): تعود «مساحة العُلا للتصميم» بنسختها الثانية لتقدّم معرضًا بالشراكة مع «مدرسة الديرة»، مسلّطًا الضوء على تراث المنطقة الثقافي وعرض التصاميم المبتكرة. وللمرة الأولى، يستعرض المعرض أعمالًا صُمِّمت داخل «مدرسة الديرة»، تؤكّد التقاطع العميق بين التراث والحداثة، الذي يُسهم في تشكيل الهوية الثقافية للعُلا. يوفّر المعرض تجربة حسية متكاملة، تُبرز جمال العُلا الطبيعي وحرفها اليدوية، ويدعو الزوّار لخوض تجربة تفاعلية تعكس قصة تحوُّل «مدرسة الديرة» من مدرسة بنات تاريخية إلى مركزٍ مزدهرٍ للفنون والتصميم.

الخط (16 يناير إلى 22 فبراير): ينظّم مهرجان فنون العُلا بالتعاون مع «مؤسسة خولة للفن والثقافة» معرضًا يحمل عنوان «الخط» احتفاءً بالإرث الغني للخط العربي، عبر ثلاثة أقسام رئيسية:

  • الخط في طنطورة: يضم عملًا تركيبيًا لسمو الشيخة خولة بنت أحمد خليفة السويدي، مستوحى من عملها المتميز «الهوى».
  • الخط جاليري: يقدّم معرضًا فرديًا للفنان اللبناني غالب حويلا، ومعرضًا جماعيًا يضم أعمالًا من روائع الخط العربي لأسماء مثل وسام شوكت وعبد الله عكار وإبراهيم زكي وغيرهم.
  • بيت الخط: يدعو الزوّار لاكتشاف منتجات يومية مُزينة بالخط العربي، حيث تم تحويل منزل تاريخي إلى متجر يضم عبايات فاخرة من «هنايين»، وأثاثًا بتصميم ساندرا هبر وهبي، ومجوهرات بتصميم مشترك بين ساندرا وعزة القبيسي.

النفس: لحظات طواها النسيان (12 ديسمبر إلى 27 فبراير): يقدّم هذا المشروع الفني المشترك بين الفنانة السعودية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي رؤيةً تجسد هوية «فيلا الحِجر» التي تعمل المؤسسة السعودية الفرنسية على تطويرها في قلب العُلا. يشمل المشروع معرضًا داخليًا في «دار طنطورة»، وأعمالًا تركيبية في «وادي النعام»، إلى جانب عملٍ زجاجي تأملي. يضم المعرض منحوتات زجاجية مستوحاة من جمال الأحجار المحلية، وعرضًا وثائقيًا يستعرض فيه الفنانان رحلتهما البحثية في هذا المشروع.


علامات (حتى 26 مارس): يقدّم «أثر جاليري» معرض «علامات» من أعمال دانية الصالح وسوزان كريمان، بإشراف القيّمة الفنية سلمى الخالدي. احتفاءً بالذكرى العشرين لأعمال التنقيب التي قادها «المعهد الألماني للآثار» في المملكة، يجمع المعرض بين الماضي والحاضر، مستكشفًا تأثير الاكتشافات الأثرية، العادية والاستثنائية، ضمن المواقع الأثرية في تيماء والعُلا. ويدعو المشاهدين للتأمل في المشهد الصحراوي كفضاءٍ تتداخل فيه فصول التاريخ مع الحاضر بطرقٍ لا حصر لها، وإنما أيضًا كعالم يتقاطع فيه التاريخ والحاضر بطرق لا تُعدّ ولا تُحصى.

الاستوديوهات المفتوحة لإقامة العُلا الفنية (22 فبراير): إلى جانب المعارض الرئيسية لمهرجان فنون العلا، هناك إلى جانب المعارض الرئيسية، يتيح هذا البرنامج أنشطة تفاعلية تسمح للزوّار بالانغماس في الأجواء الإبداعية للعُلا. تُسلِّط الاستوديوهات المفتوحة الضوء على أعمال مجموعة فنانين موهوبين، سعوديين ودوليين، يعتمدون وسائط فنية مختلفة ويتواصلون بعمق مع إرث العُلا الغني، بما يشمل الآثار والحِرَف والمجتمع المحلي. تُستلهَم بحوثهم وأعمالهم من البيئة الاستثنائية للعُلا، مقدِّمين نبذة عن رحلتهم الإبداعية ضمن إطار برنامج الإقامة الفنية في العُلا.

العروض الأدائية

ذكرى، حين يلتقي الماضي بالحاضر (من 25 إلى 27 يناير): وادي الفن  يُطلق «وادي الفن» العرض الأوّل لعمل فني مستوحًى من المكان بعنوان «ذكرى، حين يلتقي الماضي بالحاضر»، من إبداع مصمّم الفنون الأدائية المعاصر ذائع الصيت أكرم خان، بالتعاون مع فنانة «وادي الفن» منال الضويان. يستكشف هذا العرض مفاهيم النسيان والتعلّم الجماعي والشفاء، متمثلًا بفكرة «بدون ماضٍ، لا مستقبل». ويضم العرض 14 فنانًا أدائيًا عالميًا، مع موسيقى تصويرية أصلية من الملحّن الحائز على جوائز أديتيا براكاش، وتصاميم أزياء ومواقع تصويرية تحمل بصمة منال الضويان. يبرهن العرض التزام العُلا العميق بمشاركة المجتمعات المحلية في صياغة تفاصيله الموسيقية والحركية والفنية، ويجري أداؤه وسط طبيعة «وادي الفن» المهيبة.

طارق عطوي: بيت الهمس (16 يناير - 16 أبريل): يقدّم الفنان المعاصر طارق عطوي عملاً أدائيًا حديثًا في 16 يناير، كجزء من تعاونه المستمر مع متحف الفن المعاصر في العُلا، ويُعَدّ هذا المشروع أحدث أعماله التي كُلِّف بها خصيصًا للمنطقة.

إلى النسور: سرد أدائي يقدمه أيمن زيداني (29 يناير و18 فبراير): يقدّم متحف الفن المعاصر في العُلا العرض الأدائي «إلى النسور» للفنان والمخرج أيمن زيداني، وهو محاضرة أدائية مستمدةٌ من تاريخ شبه الجزيرة العربية العريق. يستند العمل إلى سنوات من البحث الفني، ويستكشف الماضي المتنوّع للمنطقة عبر دمج أبرز الاكتشافات التاريخية والأثرية والبيئية الجارية. يصطحبنا الفنان في رحلة من الجنوب إلى الشمال، ومن بحر العرب إلى خليج لحيان (خليج العقبة)، عابرًا سبع قمم جبلية وسبعة أودية روحانية، ليسلّط الضوء على الجوانب المفقودة في سردية شبه الجزيرة.

البرنامج العام

مركز العلا للموسيقى (16 يناير إلى 22 فبراير): يقدّم مركز العُلا للموسيقى باقةً من العروض الحية التي تنبض بأنغام الموسيقى العربية والدمج الصوتي والجاز، وتُسلِّط الضوء على مواهب إقليمية وعالمية. يتضمن البرنامج جلسات ارتجالية يومية، وورش عمل، وفعاليات متنوعة تتناول موضوعات موسيقية مختلفة.

سينما الجديدة (16 يناير إلى 22 فبراير): بإمكان عشّاق السينما الاستمتاع بسحر «سينما الجَدِيدة» في الهواء الطلق، حيث تُعرَض أفلام فنية من ثقافات متنوعة، تتيح فرصة فريدة للتعرف على تجارب سينمائية جديدة.

البرنامج العام لمدرسة الديرة (16 يناير إلى 19 أبريل): تعد «مدرسة الديرة»، التي كانت أول مدرسة للبنات في العُلا عند تأسيسها، أول مركز للفنون والتصميم في المنطقة منذ تحوّل مبناها عام 2019. وتوفّر برامج في الفنون التقليدية لتوجيه الحِرَفيين وتدريبهم على مختلف التقنيات والأدوات اللازمة للتطوير من الأشكال الفنية التقليدية نحو المعاصرة، إلى جانب المحافظة على التراث. تتنوّع هذه البرامج بين ورش ودروس متقدمة في مجالات النسيج، والنحت على الحجر والخشب، وأعمال الصوف واستخراج الألوان الطبيعية، والرسم الهندسي، والتصميم وصناعة المجوهرات، وصناعة الصابون والشموع والخوص والسيراميك. يمكن زيارة المدرسة يوميًا في إطار مهرجان فنون العُلا، إذ تقدّم في عطلات نهاية الأسبوع برامج وورش عمل مرتبطة بالتصميم والفنون والحِرَف اليدوية في مواقع مختارة داخل حي الجَدِيدة للفنون.

x
You are looking for