ألق ينضاف إلى ألق جدة وأنت ترقب المكان الممتد بحرًا يعانق الرمل في شمال جدة، بعد أن تمت تهيئته ليكون الأجمل على ساحل البحر الأحمر، حيث رست الواجهة البحرية مرساها لتعيد تشكيل المكان من جديد.

عندما تمتزج الحضارة مع سحر الطبيعة الربانية ينتج عنهما صور خلابة تخاطب الوجدان وتستفز الأفكار المبدعة، وتثير الحواس كلها، فما بالك لو كان هذا الامتزاج بين جدة والبحر الأحمر؟! ما أهَّل جدة لمشروع ضخم تعانق فيه البحر ليكون جسرًا بين روادها ورواده، وليصبح مقر متنزههم ومتنفسهم. إنه الواجهة البحرية في جدة، ذات البنية التحتية المتكاملة، والمقومات الترفيهية والاقتصادية المميزة، لتشكل علامة فارقة لمدينة جدة عروس البحر الأحمر المتجددة على الدوام.

لا تتوقف أهمية البحر الأحمر على كونه منفذًا للتصدير والاستيراد والنقل، بل هو متنفس طبيعي لأهالي مدينة جدة وللسياح من مختلف مناطق المملكة وخارجها. فجدة تلك المدينة التي تعج بالنشاط مع بحرها الأحمر، المغترفة منه ما تشاء من رزق وافر وخيرات، وعبر ما يفد إليها من ميناء جدة الإسلامي، أكبر ميناء بحري في المملكة العربية السعودية لاستقبال أنواع البضائع وتصديرها إلى شتى أنحاء العالم. كما يستقبل الميناء مئات الألوف من الحجاج والمعتمرين في موسم الحج وفي غيره، لتكون جدة حاضنة لزائري الداخل والخارج لمكة المكرمة أقدس بقعة على وجه الأرض، ما جعل عروس البحر الأحمر العاصمة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية لسنوات طويلة.

الواجهة البحرية

تمتد الواجهة البحرية على شاطئ البحر الأحمر شمال مدينة جدة، من منطقة حرس الحدود جنوبًا إلى دوار النورس شمالاً، بمسافة تزيد على أربعة كيلومترات، وعلى مساحة إجمالية تبلغ نحو 700 ألف متر مربع، تتوزع بين شواطئ رملية مفتوحة للعامة، ورصيف صيد للهواة، وممرات للمشاة، وأماكن مفتوحة لمحبي ممارسة الأنشطة الرياضية، مثل السباحة حيث يوجد ثلاثة شواطئ خاصة بذلك، تشتمل على حواجز وشبك حماية من أسماك القرش، بالإضافة إلى أبراج مراقبة. كما تتوافر مساحات ومسارات لركوب الدراجات والتريض، ما يكفل الترفيه للفرد والأسرة معًا، عبر المساحات الخضراء المقابلة للبحر الممتدة إلى ساحات المطاعم، والتاكسي البحري، بالإضافة إلى توافر الخدمات الضرورية على أعلى مستوى وصولاً إلى خدمة الواي فاي، وتوافر الشواحن الكهربائية في كراسي الجلوس، فضلاً عن أعمال البنية التحتية المتكاملة لهذه الواجهة الجميلة والساحرة من الخارج والخدمية من الداخل. كما لا تتوقف مشروعات هذه البقعة على الترفيه، أو على كونها متنفسًا لأهالي جدة، ووجهةً لزوارها، بل تتعدى ذلك لتكون أرضًا خصبة للاستثمار، ورافدًا سياحيًا مهمًا، تنبئ بهذا طاقتها الاستيعابية التي تزيد على 120 ألف نسمة، بل لتصبح واجهة ثقافية واجتماعية أيضًا، حيث تشي بذلك الحديقة الثقافية، والنشاطات الثقافية والاجتماعية المرافقة لها.

حديقة النورس الثقافية

على طول الطريق وأنت قادم من الجنوب، ترافقك طيور النورس الآتية من محمية طيور النورس في إحدى جزر البحر الأحمر، إلى أن تصل إلى دوار النورس الذي يمثل قطعة فنية مستلهمة من أجنحة النوارس وصور النوارس المحلقة. يعد هذا الدوار معْلَمًا من معالم مدينة جدة، الذي أنشئ في الثمانينيات الميلادية، وتحيط به ساحة تبلغ مساحتها 42 ألف متر مربع، تضم الحديقة الثقافية التي تُعد من أهم مشروعات الواجهة البحرية، وأكبر حديقة ثقافية، وهي إحدى مبادرات أمانة محافظة جدة. وقد جرى افتتاحها مطلع عام 2018. تستوعب هذه الحديقة التي تطل على البحر مبادرات ثقافية واجتماعية عدة، لتكون بذلك موئلاً ثقافيًا واجتماعيًا يكفل المتعة والمعرفة والترفيه لروادها وزوارها، حيث خصصت فيها أماكن للرسم الحر، والتنافس في البرمجة وتصميم الروبوتات لنشر ثقافة صناعة التقنية والروبوتات، بالإضافة إلى مبادرات ونشاطات احتضنتها هذه الحديقة خلال عشرة أيام مدة الملتقى، إذ تشكّل الحديقة منصةً مهيأة للمناسبات الثقافية والاجتماعية.

غدت الواجهة البحرية الشمالية في جدة أبعد من مجرد مكان للترفيه، بل غدت مقرًا جمعَ سحر المكان وجمال الحضارة، وواءم بين الترفيه والثقافة والاستثمار ضمن مشروع ضخم في تصميمه وأسلوبه حتى في تطوير ما كان قديمًا فيه، ليجعل مدينة جدة وجهة وواجهة، ومحط قلوب أهلها وزوارها.

 

x
You are looking for