تعكس قرى الجنوب التراثية الهوية المعمارية المستمدة من تاريخ المنطقة، وتمثل معالم فريدة تجذب السياح.
القرية ملاذ رائق عندما يضيق المرء بصخب المدن المليئة بناطحات الإسمنت، وطرق الأسفلت. في القرية تتخفف من عبء المدن الصناعية لتنعم بمكان ريفي يعتمد على الزراعة والحرفة، وتكون بيوته مبنية من حجر المكان وتربته.
توجد في جميع مناطق المملكة العربية السعودية قرى كثيرة، ويصل عدد القرى في المنطقة الجنوبية إلى أكثر من 5 آلاف قرية زراعية، تحول بعضها لقرى تراثية سياحية بمقوماتها العمرانية بعد أن جرى تأهيلها، لتكون وجهة وملاذًا لعشاق الهدوء والسكينة.
قرية آل عليان
هي قرية القلاع، أو الحصون الحجرية تقع في محافظة النماص، على جبال السروات. وتحتوي على آثار تاريخية تعود إلى ما قبل الإسلام، وذلك في وسط طبيعة وأجواء خلابة. في قرية آل عليان، التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى سكانها الأوائل من آل عليان، لا تعرف إن كانت قرية في قلعة أم أنها مجموعة قلاع في قرية، إذ كانت آل عليان محاطة بسور يبلغ ارتفاعه عشرة أمتار مدعم بثلاث بوابات، شمالية، وشرقية، وجنوبية تفتح في النهار وتغلق ليلاً. يوجد في القرية مسجد بُني في صدر الإسلام وجرى ترميمه وتأهيله، وتقام فيه الصلاة إلى يومنا هذا. كما يوجد فيها متحف يسمى متحف القناص، وهو متحف شخصي مفتوح للعامة يتكون من ثلاثة أدوار، ويحتوي على مقتنيات وقطع أثرية، ووثائق. وكان قصرًا لعائلة القناص، وقاموا بترميمه ليصبح متحفًا. جميع القلاع بما فيها القلعة الكبيرة التي تتوسط القرية جرى ترميمها لتصبح مزارًا سياحيًا يليق بشغف محبي القرى التراثية التي تمثل دومًا رافدًا سياحيًا مهمًا.
قرية الظفير
تخرج من هذه القرية الواقعة في الجنوب الشرقي، من منطقة الباحة، بمخزون من المفردات الجميلة والمناظر الأبهى. فلقد كانت قرية الظفير في الخمسينيات الهجرية من القرن الماضي وتحديدًا عام 1353هـ، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، عاصمة إدارية لمنطقة الباحة، قبل أن تنقل إلى بلجرشي.
الجولة في قرية الظفير تبدأ مع مفردة «لُحمة» لتسأل ماذا تعني؟! فيخبرك أهالي القرية: بأن الُّلحمة هي الحي الصغير. وتشتمل القرية على عدد من هذه الُّلحم، وسميت لُحمة من القرابة و التلاحم.
الظفير قرية يكتنفها الجمال والبساطة والعمران الأصيل، حتى وإن زادت بعض المباني الحديثة التي تعود إلى أكثر من ثلاثة عقود لتقف جنبًا إلى جنب مع المباني الشامخة بحجارة المنطقة التي لها من الزمن قرن وأكثر. إنها نموذج فريد من العمران البديع بدءًا من نوافذ المنازل التي تنحصر في الجهة الشرقية فقط، ثم الزينة والزخارف، وانتهاء بتصميم البيوت التي تتواءم مع الظروف البيئية والحاجات الاجتماعية في ذلك الوقت. ويعمل الأهالي في قرية الظفير الوادعة على محاولة ترميمها وإعادة تأهيلها مع البلديات والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
قرية ذي عين
على سفح جبل من المرمر تتربع هذه القرية التراثية الساحرة بين جبال تهامة. تقع في منطقة الباحة، وتبعد مسافة 24 كم عن مدينة الباحة نفسها. بينما تبعد مسافة 20 كم عن محافظة المجاردة. تتميز قرية ذي عين التي تجاوز عمرها 400 عام، وتشبه قرى الأساطير، بطراز عمراني فريد، جعل منها مقصدًا سياحيًا، وتحفة معمارية يتهافت الهواة والمحترفون في التوثيق الفوتوغرافي على التقاط صور لها.
تضم القرية 49 بيتًا مبنيًا من الحجر والطين، ومدعمًا بأشجار العرعر. وكل مجموعة من هذه البيوت لها نمط في الارتفاع، فمنها بدور واحد، ومنها بدورين، وأخرى بثلاثة أدوار. ويصل بعضها إلى أربعة أدوار، ما جعل القرية ببيوتها المتلاصقة وارتفاعاتها المختلفة ذات منظر أخاذ، وبالإضافة إلى بيوتها فإن القرية ذات العين الجارية تشتهر كونها قرية زراعية فتتنوع فيها المحاصيل، مثل الموز الصغير، والفلفل، والنباتات العطرية مثل الريحان والكادي.
قرية المفتاحة
من قرية زراعية دائمة الخضرة صيفًا وشتاء، وبيوت تاريخية قديمة تهالك معظمها إلى مركز للفن والفنون والعمران العسيري. تضافر جمال الطبيعة مع الفن والتأهيل الراقي لتصبح قرية المفتاحة جامعة للجمال.
تقع القرية في وسط مدينة أبها، وهي مثال للقرى التراثية، ووجهة سياحية مميزة. ففيها تقام النشاطات في المواسم الثقافية والوطنية. كما تمثل قرية المفتاحة محطة من محطات المسار السياحي في المنطقة. تشمل القرية مقر المفتاحة الأثري وقد شيد منذ 150 عامًا، ويتكون من ثلاثة أدوار، ومبني على الطراز العسيري الأصيل، ومسرح المفتاحة، ومركز الملك فهد وتقام فيه الدورات والأنشطة، وسوق الثلاثاء على غرار السوق قديمًا، بالإضافة إلى عدد من البيوت القديمة المتلاصقة التي جرى ترميمها وتأهيلها. الصورة الذهنية والحقيقية عن قرية المفتاحة هي مهرجان جميل من الألوان يخضب القرية. فاللون هو الطاغي على هذه القرية التي زينت جدرانها بفن القَطّ العسيري لتكون مزارًا للسياح.