الفنون لغة تنقل إحساس الفنان من أعماقه الداخلية بطريقة تعبيرية مغايرة للمعتاد يكتنفها الجمال وعمق الحس. يظل هذا الإحساس ماثلاً في مخيلة المتلقين، ويصعب تجاهله، أو نسيانه. لذا كانت الشعوب تلجأ إلى الفنون.
القَطُّ زخارف تهامية أقرب إلى الفن التجريدي ظهر في جنوب المملكة العربية السعودية على يد المرأة العسيرية فأبدعت فيه أيما إبداع.
ما هو القط؟
سمي هذا النوع من النقوش بالقط، أو الزيّان، حيث يزين جدران البيوت بالألوان الهندسية المتداخلة. كل جزء في هذا النقش له اسم وغرض ولون. فمنه البَنَاه، وهو يرمز إلى الأنثى، ويأتي في أعلى القَطَّ. ومنه الحِظية وهو نقش يشبه شجرة مستندة إلى قاعدة مثلثة، كما أنه يشبه الجبال المتراصة. ومن فن القَطِّ نقش الأرياض وهو على شكل نبات، والشبكة وهي أشكال هندسية متداخلة معينات أو مربعات ذات لون واحد. ومنه أيضًا المحاريب وهو شكل المحراب، والركون وهو شكل مثلث كبير يحتوي على نقوش متعددة في داخله. ومنه كذلك البلسنة، وهي دوائر صغيرة ومنقطة تأتي في نهاية القدم في الحظية. كذلك هناك نقش الأمشاط تشبه أسنان المشط، وهي خطوط متوازية تتجه للأعلى أو إلى الأسفل في نهاية الحظية. أما نقش التعذيق فهو ثلاث نقاط تشبه عذوق الذرة. وهناك نقش في القط يُسمى "سنكر ولي" على شكل محاريب متجاورة متوازية، لكنه يأتي في اتجاه اليمين. كما أن هناك خطوطًا متوازية تكون في أسفل النقش وتسمّى بالمثالث إذا كانت ثلاثة، أو بالمخامس، وهذه تأتي منفردة أحيانًا في أماكن محددة من البيت، ويشبهها الكف، وهي مجموعة خطوط متوازية تكون في أسفل الجدار أو في السلالم.
فن عالمي
دخل فن القَطِّ العسيري العالمية، وذلك بعد أن أدرجته منظمة اليونيسكو عام 2017 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي. وهو يُعد من الفنون المهمة في جنوب المملكة العربية السعودية. عُرف منذ مئات السنين في بلاد تهامة، وتطورت ألوانه وأشكاله مع مرور الزمن. لم تكن الألوان عائقًا، بل كانت تستخدم من محيط البيئة البسيطة. فالأسود من فحم الموقد مع إضافة الشمع لثبات اللون. أمام اللون الأحمر فهو مسحوق الحسن، الذي كانت النساء تستخدمه للزينة في مفارق الشعر، ويضاف إليه ما يخفف حدة لونه. أما اللون الأخضر فكان يؤخذ قديمًا من الزرنيخ الأخضر والطلح الأبيض. أما اللون الأزرق فيؤخذ من الزرنيخ الأزرق ليضاف إلى الطلح الأبيض. ولقد برع في هذا الفن نساء يشار لهن بالبنان مثل فاطمة أبو قحاص، رحمها الله، وهي من أشهر النساء المتميزات في فن القَطِّ في رجال ألمع. وكان آخر عمل قامت به عام 2001، وذلك في منزل لابنها في رجال ألمع. أما في كتاب "حاضرة رجال" لعلي مغاوي فقد ذكر أن السيدة جحاحة بنت بريدي كانت الأولى في هذا الفن. وعندما يُذكر القط لابد أن تُذكر براعة جحاحة التي كانت أستاذة في فنها. ولم يستطع كثير من النساء مجاراة دقتها في النقش الذي ظل بعض أثره ماثلاً في بيوت رجال ألمع.
القَطُّ اليوم
تتزين جدران فندق قصر أبها اليوم بلوحة فنية من قط سيدة القط فاطمة بنت علي أبو قحاص، وتحظى بنظرات إعجاب مهمة حول هذا النقش الفني الذي كان يزين البيوت العسيرية بأنامل نسائها. فقد أسهم جمال هذا الفن في بقائه، مع توافر الألوان والأصباغ الآمنة التي أصبحت في متناول الجميع، فعمدت فتيات عدة إلى تعلمه. وظهر منهن أسماء عديدة تجيد القط ببراعة السيدات العسيريات الأوليات مثل: المدربة المعتمدة فاطمة الألمعي، وزهرة فايع، وشريفة مهدي، وفوزية بارزيق. ولم يتوقف القط حكرًا على الجدران فقط. بل تجاوزها ليصل إلى المقتنيات، والطباعة على المفروشات، حتى الأزياء. لكن وجوده على الجدران مكانه الأول هو الأصالة وعنوان الفن الجميل في منطقة عسير. فلم تخلُ المزارات السياحية من جدارياته. ولقد عرضت عام 2015 في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك جدارية بطول 18 مترًا، من القط العسيري، شارك فيها عدد من الفنانات البارعات في هذا الفن، وكانت باسم "منزل أمهاتنا". وقد لاقت إعجابًا لافتًا. وكانت تلك الجدارية بمنزل الدليل المادي على وجوب تسجيل هذا الفن ضمن التراث الثقافي الإنساني.
الفنون لغة تنقل إحساس الفنان من أعماقه الداخلية بطريقة تعبيرية مغايرة للمعتاد يكتنفها الجمال وعمق الحس. يظل هذا الإحساس ماثلاً في مخيلة المتلقين، ويصعب تجاهله، أو نسيانه. لذا كانت الشعوب تلجأ إلى الفنون.
القَطُّ زخارف تهامية أقرب إلى الفن التجريدي ظهر في جنوب المملكة العربية السعودية على يد المرأة العسيرية فأبدعت فيه أيما إبداع.
ما هو القط؟
سمي هذا النوع من النقوش بالقط، أو الزيّان، حيث يزين جدران البيوت بالألوان الهندسية المتداخلة. كل جزء في هذا النقش له اسم وغرض ولون. فمنه البَنَاه، وهو يرمز إلى الأنثى، ويأتي في أعلى القَطَّ. ومنه الحِظية وهو نقش يشبه شجرة مستندة إلى قاعدة مثلثة، كما أنه يشبه الجبال المتراصة. ومن فن القَطِّ نقش الأرياض وهو على شكل نبات، والشبكة وهي أشكال هندسية متداخلة معينات أو مربعات ذات لون واحد. ومنه أيضًا المحاريب وهو شكل المحراب، والركون وهو شكل مثلث كبير يحتوي على نقوش متعددة في داخله. ومنه كذلك البلسنة، وهي دوائر صغيرة ومنقطة تأتي في نهاية القدم في الحظية. كذلك هناك نقش الأمشاط تشبه أسنان المشط، وهي خطوط متوازية تتجه للأعلى أو إلى الأسفل في نهاية الحظية. أما نقش التعذيق فهو ثلاث نقاط تشبه عذوق الذرة. وهناك نقش في القط يُسمى "سنكر ولي" على شكل محاريب متجاورة متوازية، لكنه يأتي في اتجاه اليمين. كما أن هناك خطوطًا متوازية تكون في أسفل النقش وتسمّى بالمثالث إذا كانت ثلاثة، أو بالمخامس، وهذه تأتي منفردة أحيانًا في أماكن محددة من البيت، ويشبهها الكف، وهي مجموعة خطوط متوازية تكون في أسفل الجدار أو في السلالم.
فن عالمي
دخل فن القَطِّ العسيري العالمية، وذلك بعد أن أدرجته منظمة اليونيسكو عام 2017 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي. وهو يُعد من الفنون المهمة في جنوب المملكة العربية السعودية. عُرف منذ مئات السنين في بلاد تهامة، وتطورت ألوانه وأشكاله مع مرور الزمن. لم تكن الألوان عائقًا، بل كانت تستخدم من محيط البيئة البسيطة. فالأسود من فحم الموقد مع إضافة الشمع لثبات اللون. أمام اللون الأحمر فهو مسحوق الحسن، الذي كانت النساء تستخدمه للزينة في مفارق الشعر، ويضاف إليه ما يخفف حدة لونه. أما اللون الأخضر فكان يؤخذ قديمًا من الزرنيخ الأخضر والطلح الأبيض. أما اللون الأزرق فيؤخذ من الزرنيخ الأزرق ليضاف إلى الطلح الأبيض. ولقد برع في هذا الفن نساء يشار لهن بالبنان مثل فاطمة أبو قحاص، رحمها الله، وهي من أشهر النساء المتميزات في فن القَطِّ في رجال ألمع. وكان آخر عمل قامت به عام 2001، وذلك في منزل لابنها في رجال ألمع. أما في كتاب "حاضرة رجال" لعلي مغاوي فقد ذكر أن السيدة جحاحة بنت بريدي كانت الأولى في هذا الفن. وعندما يُذكر القط لابد أن تُذكر براعة جحاحة التي كانت أستاذة في فنها. ولم يستطع كثير من النساء مجاراة دقتها في النقش الذي ظل بعض أثره ماثلاً في بيوت رجال ألمع.
القَطُّ اليوم
تتزين جدران فندق قصر أبها اليوم بلوحة فنية من قط سيدة القط فاطمة بنت علي أبو قحاص، وتحظى بنظرات إعجاب مهمة حول هذا النقش الفني الذي كان يزين البيوت العسيرية بأنامل نسائها. فقد أسهم جمال هذا الفن في بقائه، مع توافر الألوان والأصباغ الآمنة التي أصبحت في متناول الجميع، فعمدت فتيات عدة إلى تعلمه. وظهر منهن أسماء عديدة تجيد القط ببراعة السيدات العسيريات الأوليات مثل: المدربة المعتمدة فاطمة الألمعي، وزهرة فايع، وشريفة مهدي، وفوزية بارزيق. ولم يتوقف القط حكرًا على الجدران فقط. بل تجاوزها ليصل إلى المقتنيات، والطباعة على المفروشات، حتى الأزياء. لكن وجوده على الجدران مكانه الأول هو الأصالة وعنوان الفن الجميل في منطقة عسير. فلم تخلُ المزارات السياحية من جدارياته. ولقد عرضت عام 2015 في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك جدارية بطول 18 مترًا، من القط العسيري، شارك فيها عدد من الفنانات البارعات في هذا الفن، وكانت باسم "منزل أمهاتنا". وقد لاقت إعجابًا لافتًا. وكانت تلك الجدارية بمنزل الدليل المادي على وجوب تسجيل هذا الفن ضمن التراث الثقافي الإنساني.