عبير الفوزان

كثيرًا ما تأخذك المناسبات الرائعة إلى تلك الأماكن القصيّة في القلب، حيث الحنين والحب وبهجة الأهازيج والأغاني. الأعياد الدينية من تلك المناسبات التي نستحضر فيها كل جميل مضى، وكل بهجة قادمة.

عيد الفطر في المملكة العربية السعودية مناسبة مرادفة لكل مفردات الحسن والبهجة، وتُعاش في كل مكان بدءًا من الطرقات، وحتى الأماكن العتيقة العابقة برائحة البخور والقهوة سواء كان في بيت الجد أو الجدة، أو قرية قصيّة تلألأت زهوًا في يوم العيد، فقدِم إليها أبناؤها من شتى مناطق ومدن المملكة ليقدومون التهاني، والأمنيات الطيبة للأهل والأقارب وأصحاب الزمن الجميل. 

في أيام عيد الفطر المبارك نعيش طقسًا من طقوس الفرح يبدأ من بعد صلاة العيد، التي تُعد فرض كفاية ولا تلزم الجميع، وبعد الصلاة تبدأ التهاني من مُصلى العيد، وتلحقها توزيع العيديات على الأطفال، فكل عائلة توزع عيدياتها  على الأطفال والمصليين، وتتنوع تلك العيديات ما بين الحلويات والنقود والألعاب. يستمر العيد لمدة ثلاثة أيام فتعيش المملكة طقسا دينيا تاريخيا فلكلوريا ظاهرا من العرضة السعودية التي تقام في أنحاء متفرقة، لاسيما في العاصمة الرياض، بالقرب من قصر الحكم، والزيارات والسماحة التي تتجلى في كل شيء.  ثلاثة أيام بلياليها يعيش الناس منتهي التواصل مع الأقرباء، فهو عادة سنوية يحضر فيها القاصي للداني، والعيد فرصة لتحسين العلاقات يسبقها تهنئة وأمنية صادقة.  

زينة العيد مقرونة في بعض المناطق بالتراث والزي الأصيل، فمثلما يرتدي الصبية الثوب والشماغ والعقال والبشت، تتزين الصغيرات بالحناء والذهب. ويعيشون مجد العيد من الزي وحتى طعام العيد الذي يبدأ عادة في السابعة صباحا  ويتكون من الأرز واللحم، و كل منطقة من مناطق المملكة تقدم على مائدتها أو موائد الطرقات التي مدوها للجميع، طبقا شعبيا من أطباق المنطقة مثل الجريش في نجد، والعريكة في المنطقة الجنوبية، أما في الحجاز فطبق الدبيازة حاضر على سفرة العيد.  

على مر الزمن اختلفت بعض مظاهر العيد القديمة لكن البهجة والتهاني وتعليم الصغار بتقديمها وردها لازال سيد المشهد. يقولون "من العايدين" والمقصد عيد يعود عليك بالصحة، وتعوده أنت كل عام. إن مفردة العيد هي مفردة تكرر الفرح، والأمنيات بالعودة لذات الزمن الذي لم يتوقف، ولكنه يتكرر. وتكتنف التهنئة الأمنية بطول العمر فالعيد يعود وأنت تعود معه.  وتقال "من العايدين" من أول القادمين، وأول المستقبلين، وأول الفرحين ببهجة العيد.   

"من الفايزين" يأتي هذا الرد بالعمق الديني للعيد الذي أتي بعد شهر من الصوم ، فيكون الفوز بالرضا والجنة وتقبل العمل.