مدينة "السِّرَّين" طريق الحرير القادم من الصين إلى الجزيرة العربية . تقع هذه المدينة الأثرية في السهل الفيضي لوادي "حَلية" أو ما يسمى بوادي (الشاقة الشمالية) عند مصب الوادي في البحر الأحمر، ويقع في جنوبها مصب وادي "عِلْيَب" أو ما يعرف حالياً بوادي "الشاقة اليمانية"، وجاءت تسميتها بـ "السِّرَّين" مفردها سر نسبة إلى "حلية و"عليب" أشهر أودية مكة المكرمة وأخصبها، ويقال سر الوادي على أخصب موضع فيه.
يعود تاريخ ميناء مدينة "السِّرَّين" إلى عصر ما قبل الإسلام، بحسب ما ذكرت كتب التراث العربي، وكانت من أهم المواقع الاقتصادية من القرن الثالث الهجري حتى القرن الثامن الهجري، وتقع المدينة جنوب مكة المكرمة على بعد 245 كلم. كما أن هذه المدينة بمينائها الأثري تمثل شاهدا على عمق العلاقات التاريخية بين الحضارتين العربية في الجزيرة العربية والحضارة الصينية، والتي تعود لأكثر من 2000 عام. فقد كانت المحطة البحرية الرئيسة لطريق الحرير البحري التاريخي على سواحل البحر الأحمر، وكانت المحطة الرئيسة للسفن الصينية التي تحمل البضائع والمنتجات الصينية ومن أشهرها الحرير والخزف الصيني القادمة إلى أرض الجزيرة العربية، كما كانت محطة رئيسة للمسلمين الصينيين القادمين صوب مكة المكرمة لأداء مناسك الحج والعمرة.
يعد مشروع السرين ذا أهمية كبرى لدوره الهام في تعزيز الروابط التاريخية والاقتصادية بين السعودية والصين بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030م والمبادرة الصينية "الحزام والطريق" التي قامت على أنقاض طريق الحرير في القرن التاسع عشر.
وعليه قام فريق تنقيب مشترك عمل خلال الفترة الماضية على التنقيب والتحقق من الآثار الغارقة تحت الماء حيث تمكنوا من العثور على آثار مهمة تؤكد وجود مرسى وميناء طبيعي بحري يقع جنوب الموقع المسيج، كما عثروا على قطع أثرية من الذهب واللازورد والعقيق وقطع نقدية لعصور زمنية مختلفة وقطع من الفخار المحلي والخزف الصيني، كما عثروا على 48 شاهداً قبرياً منقوشة بكلمات عربية يعود تاريخها إلى 1029م، إضافة لحطام سفينة "نانهاي الصينية".