-
يتوجه الزوار إلى نهر السين لتجربة قوارب باتو موش التي تُبحر في النهر مستمعًا خلال جولته إلى دليل صوتي يقدم المعلومات المتعلقة بالمعالم التي يمر بالقرب منها
باريس، عاصمة الشاعرية ومدينة النور. مدينة لا يُمل منها، فهي قديمة وعصرية، تاريخية ومتجددة، راقية لكنها قريبة من القلب. في كل زيارة إلى المدينة يكتشف الزائر شيئًا جديدًا، حارة أو زقاقًا لم يره من قبل. يمشي في شارع الشانزليزيه مرات بعد مرات، غير أنه يشعر في كل مرة أنها المرة الأولى.
إنه سحر فريد في العاصمة الفرنسية، وأُلفة تجعلها جاذبة لملايين من السياح الذين يتوافدون عليها حتى في أصعب أوقاتها واضطراباتها، الأمر الذي يؤكد أن فرنسا عمومًا وعاصمتها بصورة خاصة في طليعة الوجهات السياحية حول العالم.
تتميز باريس بكونها من أبهى مدن أوروبا الغربية، ويشتهر سكانها بحب الأزياء والتأنق. يقصدها الباحثون عن الفن والتقاليد والتنزه في طرقاتها وشوارعها الجميلة التي تتناثر على قارعتها المقاهي، وتصطف الطاولات في الخارج متوجة إلى الطريق لتدعو المارة إلى تناول فنجان قهوة في أثناء مرورهم، وهي العادة التي درج عليها الفرنسيون عند تناول الكرواسان التقليدي.
لباريس نكهة خاصة، ونمط مختلف، فكل زاوية منها تُذكّر بالفن الراقي والثقافة. كثرة متاحفها تأخذ بيد الزائر إلى زمن غابر بنت عليه فرنسا تاريخها ومجدها الذي تفاخر به اليوم. وعلى صفحة نهر السين تمزج الرحلات بين الاستجمام والتعرف إلى أهم المعالم السياحية في المدينة بنظرة مختلفة.
في أرجاء باريس
المشي على الأقدام هو التجربة المثلى للتنزه في باريس، إذ سيشاهد الزائر شوارع لم يرها من قبل. تبدأ الرحلة قرب نهر السين عند ساحة ألما، إذ يجد الزائر نفسه في السوق الشعبية، حيث المأكولات، والزهور المحيطة بالساحة، هناك يمكن تذوق ألذ المأكولات الفرنسية المحلية، والمأكولات العربية، والحلوى أيضًا.
وعلى النقيض من ذلك فإن شارع مونتين يضم حشدًا لأبرز العلامات التجارية الفرنسية في عالم الأزياء. هناك تتجمهر الحشود لدخول أحد محلاته الراقية مثل شانيل وبرادا. الذهاب إلى هناك بغرض الشراء سيُحمّل الموازنة أعباءً مالية كبيرة، لذلك يكتفي كثير من الزوار بالمشاهدة، قبل التوجه إلى شارع الشانزليزيه. بعض الزوار يفضل أن يبدأه متجهًا من ساحة كونكورد إلى الشمال نحو قوس النصر، وبعضهم الآخر يعكس الرحلة، لتكون الوجهة حدائق تويلوري الجميلة عند ساحة كونكورد، حيث يأخذ قسطًا من الراحة في محلات أنجلينا التي تقدم المأكولات والحلوى الشهيرة.
ينتظر الراغب في خوض التجربة عادة في طابور حتى يحظى بمبتغاه من المشتريات، إلا أن نكهة الشوكولاته الساخنة التي يقدمها أنجلينا تستحق الانتظار. أما من يفضل المأكولات المالحة فيمكنه الحصول على وجبة غداء أو عشاء من المتجر نفسه. هذه ليست التجربة الوحيدة الجميلة لتناول الطعام في المدينة التي تعج بالمطاعم الشهيرة، غير أن العرب دائمًا يفضلون حلوى الماكارون التي تبيعها محلات لا دوريه، أو بيير إرميه.
يمثل التجول في شارع الشانزليزيه نزهة متميزة لزوار باريس، تبدأ من أمام قوس الناس مرورًا بالمقاهي والمحلات التجارية الراقية، ووصولاً إلى ساحة كونكورد وحدائق تويلوري
التجول في شوارع باريس يدفع المارة إلى ارتياد المخابز التي تنبعث منها روائح المخبوزات المحلية، فضلاً عن رؤية الفرنسيين وهم يحملون خبز الباغيت الطويل الذي يعد قوتهم اليومي، لأن الأكل على الطريقة الفرنسية لا يكتمل إلا عبر تذوق الخبز الفرنسي المقرمش الذي ذاع صيته في العالم.
مع تحسن الطقس يصبح الحصول على مقعد في مقهى Café de Flore الواقع في شارع سان جيرمان مطلبًا شائعًا. فهذه الجلسة من أجمل الجلسات الخارجية في باريس، ويضاف إليها تجربة الجلوس في مقهى Le Fouquet ومطعمه الشهير في شارع الشانزليزيه. تهافت الزوار على هذه التجربة الجميلة تجعل تكاليف الجلوس في الخارج أكثر ارتفاعًا من اختيار الجلوس داخل المقهى.
ويبقى برج إيفل معلم باريس الأول وأكثر وجهاتها شهرة. يقف الزائر أمامه مطالعًا هذا الصرح المعدني الذي كان يكره تصميمه الأمير الفرنسي رولان بونابارت ووصفه بالقبيح، فأصبح على مر السنين أعجوبة تجذب العالم. هذا البرج الذي كانت الفكرة من ورائه أن يبقى لمدة قصيرة ثم يُفكك بعدها، لكنه حظي بإعجاب الناس وأصبح مركز جذب للزوار، فأُلغيت فكرة تفكيكه ليصبح اليوم من أهم المعالم السياحية في العالم.
بعد نهاية الجولة أمام برج إيفل، يتوجه الزائر إلى نهر السين القريب لتجربة قوارب باتو موش التي تُبحر في نهر السين، مستمعًا خلال جولته على معالم باريس إلى دليل صوتي يقدم المعلومات المتعلقة بالمباني التي يمر بالقرب منها.
ولا تزال باريس غنية بمعالمها الثقافية أيضًا، ومنها كاتدرائية نوتردام الشهيرة التي شهدت حريقًا ضخمًا خلال العام الماضي، ومتحف اللوفر أحد أشهر متاحف الدنيا، والذي يضم آثارًا عظيمة، ومعروضات فنية فريدة مثل لوحة الموناليزا الشهيرة.
من أجمل المناطق التي يُنصح بزيارتها أيضًا منطقة مونمارتر التي تضم كاتدرائية تطل على معالم باريس، إذ تربد على هضبة عالية تمنح الزائر نظرة من علٍ لتفحّص باريس وأحيائها، منها يبدأ الهبوط إلى الأسفل للوصول إلى ساحة يتجمهر فيها الرسامون الذين يعرضون على الزائر رسم صورته. تنتشر في الساحة المقاهي والمطاعم التي تقدم وجبة شهيرة تتمثل في البطاطس المقلية مع القواقع.
لا يمكن أن تكتمل زيارة باريس دون أن يعرج الزائر على شارع فوبور سانت أونوريه للتعرف إلى آخر ما آلت إليه الأزياء للموسم الجديد، والتي تنطلق من هناك، وتحديدًا من غاليري لا فاييت، ولو برينتان، حيث توجد بهما مجموعة رائعة من الأزياء الفرنسية الراقية.
الزيارة إلى باريس لا تغفل حاجة الأطفال إلى التنزه والمرح، حيث تستمتع الأسرة بالكامل في حدائق ديزني التي تقع على بًعْد أربعين دقيقة بالقطار، ويمكن شراء التذاكر ليوم أو أكثر، لتكتمل البهجة بين أفراد الأسرة جميعهم في هذا المتنزه الباريسي الجميل.