ربما يكون الانطباع الأول الذي يتبادر إلى الأذهان حينما تذكر دولة الصين هو ذلك التعداد الهائل من السكان الذي يناهز نحو مليار ونصف مليار نسمة، وما يخلفه ذلك من تخيلات حول الزحام الشديد في تلك الدولة ذات المساحة الشاسعة. هذا الانطباع سرعان ما يتغير بزيارة تلك الدولة حاضنة السور الأشهر عالميًا، سور الصين العظيم، وذلك بسبب النظام المتبع والحياة البسيطة في بلد عرف إحدى أقدم الحضارات البشرية، وتميز على الدوام بمناظره الطبيعية الخلابة، وكثرة المعالم السياحية فيه.

المقومات السياحية الكبيرة التي توفرها الصين، وموقعها كقوة اقتصادية متعاظمة على الساحة الدولية، وإنتاجها الذي غزت من خلاله العالم، إضافة إلى انفتاحها فيما يتعلق بحركة التجارة بينها وبين دول العالم الأخرى، وتنامي الاستثمار الأجنبي، كلها عوامل أسهمت في تحقيق نمو كبير في المجال السياحي، الذي يواكب ما تعيشه الدولة من تطور اقتصادي، دشنت من خلاله عصرًا جديدًا من الازدهار، جعل من الصين رابع دولة على مستوى العالم استقبالاً للسياح وفقًا لتصنيف السياحة العالمي لعام 2021. إذ بلغ عدد السياح الذين توجهوا إلى الصين حوالي 65 مليون سائح من مختلف أنحاء العالم، يقصدون وجهات متعددة داخل الصين ومن بينها العاصمة بكين.

يخوض الزوار تجربة فريدة في بكين لاستكشاف الحضارة الصينية العريقة، من خلال أنموذج متميز توفره العاصمة بثرائها السياحي، ونمطها المعماري الفريد الذي خلّفه القدماء في إبداعات لا تزال شاهدة على هذه الحضارة حتى اليوم، لتقدم لمحات من تاريخ وثقافة راسخة في هذه المدينة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 25 مليون نسمة.

في حال قررت الانضمام إلى ملايين السيّاح الذين اختاروا بكين وجهة لهم ستحملك الخطوط السعودية إلى وجهتك مباشرة من المملكة العربية السعودية لتنقلك إلى وجهة تضم قائمة من المعالم والمناطق المبهرة التي تنتظرك لاستكشافها، وعلى رأسها سور الصين العظيم، والمدينة المحرمة، وغيرهما من المعالم الشهيرة.

 


سور الصين العظيم

في بداية الرحلة من العاصمة بكين يجدر بك أولاً اكتشاف أهم معلم في الصين، وهو سور الصين العظيم. ستكون تلك التجربة مليئة بالمفاجآت، فهو أحد أهم مواقع التراث العالمي ويعد من عجائب العالم، وقد استغرق بناؤه نحو 1800 عام، ليكون درعًا حاميًا للحدود الشمالية من الأعداء والغزاة. ويوجد على امتداده أكثر من 10 آلاف برج للمراقبة، لكنه اليوم يشكل مزارًا سياحيًا ليس إلا، ويقصده سنويًا ملايين الزائرين من جميع أنحاء العالم.

يعد السور أطول بناء في التاريخ، إذ يمتد لنحو 21 ألف كيلو متر على الحدود الشمالية والشمالية الغربية للصين، من تشنهوانغداو على خليج بحر بوهاي "البحر الأصفر" في الشرق إلى منطقة غاوتاي في مقاطعة غانسو في الغرب. كما جرى بناء سور آخر إلى الجنوب، يمتد من منطقة بكين إلى هاندن.

السور يتكون من مجموعة من الجدران وليس جدارًا واحدًا متصلاً، ويمر بتضاريس متنوعة ومختلفة، فيقطع الصحراء والجبال والأنهار. وتتفاوت ارتفاعات الجدران بين ثلاثة أمتار إلى تسعة أمتار في مناطق متفرقة، وكذلك يتفاوت عرضه ما بين أربعة أمتار إلى تسعة أمتار في الأسفل، أما الجانب العلوي منه فيبلغ عرضه 3 أمتار. وقد شارك في بنائه عدد كبير من العمال، مات كثير منهم في سبيل إكماله ودفنوا في الموقع نفسه، ما جعله مقبرة كبرى.

 


القصر الصيفي

يقع القصر الصيفي على مسافة 15 كيلو مترًا من وسط بكين. وقد اعتاد حكام الإمبراطورية استخدامه مقرًا لهم في الصيف. تم بناء القصر في القرن الثاني عشر، وجرت توسعة حدائقه بشكل كبير في القرن الثامن عشر.

يقع القصر بين مجموعة من البحيرات الشاسعة على تلة مرتفعة مطلاً على بحيرة كونمنغ. ويضم القصر غرفًا رائعة وأروقة، وقد جرى تسجيله كأحد مواقع التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو.

حديقة بيهاي

تصنف حديقة بيهاي واحدة من أقدم الحدائق الإمبراطورية وأروعها بمعالمها القديمة. تقع هذه الحديقة الساحرة على مقربة من المدينة المحرمة. وتضم بحيرة كبيرة، وتصنف من أجمل حدائق الصين، بما تحتويه من تلال خضراء وأشجار، وأنواع كثيرة من الزهور النادرة. كانت الحديقة قديمًا حكرًا على الأسرة الحاكمة في الصين لكنها افتتحت في العصر الحديث للعامة.

 


ميدان تيان آن من

يقع هذا الميدان وسط بكين، وتبلغ مساحته نحو 440 ألف متر مربع، ويعد واحدًا من أكبر الميادين في العالم. ويشتهر أيضًا باسم ميدان السماء. يخصص الميدان للمناسبات الرسمية، وفيه أعلن الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ عام 1949 قيام جمهورية الصين الشعبية، ومن وقتها أصبح الميدان رمزًا للصين الجديدة.

يحتوي منتصف الميدان على النصب التذكاري لأبطال الشعب، بينما يقع متحف الثورة في شرقه، وفي غربه تقع قاعة الشعب الكبرى، والمتحف التاريخي.

المدينة المحرمة (القصر الفريد)

تعرف أيضًا بالقصر الإمبراطوري، وتقع في قلب العاصمة الصينية بكين، وتعد من أكبر الأبنية فيها وأهمها. ويعود سبب تسميتها بالمدينة المحرمة إلى أنها كانت قديمًا محرمة على الشعب، ثم أصبحت من أهم المناطق السياحية التي يفد إليها ملايين الزوار سنويًا. ويحتوي القصر الإمبراطوري على تحف فنية فريدة من نوعها، زيادة على تميّزه بالفن المعماري القديم.

 


سوق الحرير

منذ ثمانينيات القرن الماضي حجز سوق الحرير الواقع في منطقة جيانغو الراقية في العاصمة بكين موقعه كواحد من أشهر الأسواق في المدينة. يستمد هذا السوق بمبناه الحديث شهرته الواسعة من إرث المنطقة الممتد على مدى قرون في تجارة الحرير، ويضم السوق نحو 1500 متجر يبيعون المنسوجات الحريرية عالية الجودة والتذكارات السياحية، بالإضافة إلى الخزف الصيني والسجاد.

تنتشر شوارع التسوق في بكين، وتضم هذه الشوارع مختلف أنواع المقتنيات التي يبحث عنها السياح، ومن أقدم هذه الشوارع وانغفوجينج الذي يضم عددًا كبيرًا من مراكز التسوق التي تبيع التحف والملابس والأحذية، إضافة إلى وجود مطاعم الوجبات الخفيفة. وعلى مقربة من المدينة المحرمة تبدو أضواء المساء مبهرة في مناطق التسوق لاسيما مع مبانيها ذات الطراز المعماري العتيق. بينما يُشبَّه شارع شيدان التجاري بشارع وانغفوجينج لما يضمه من مراكز تسوق ومنتجات متنوعة.

جولة التسوق في شوارع بكين ستقود الزائر من منطقة إلى أخرى، وسيكتشف خلال رحلته في الشوارع مناطق جديدة يلجها للحصول على ما يبحث عنه من منتجات وهدايا تذكارية في هذه المدينة الكبيرة.

الحياة في بكين

ليس على زائر بكين أن يقلق بشأن الطعام، فهناك مطاعم عدة تقدم المأكولات الحلال. وسيجد الزائر مختصين في تقديم الأطباق المميزة التي تحمل المذاق العربي، والمطاعم الغنية بالأكلات الشعبية الصينية التي تجعل من أطايب الطعام متعة وراحة. كما تنتشر الأسواق الشعبية التي تتوافق مع ميول السيّاح. أما وسائل النقل، فهناك مواصلات مختلفة من مترو، وسيارات أجرة، وقطارات، ووسائل أخرى تعمل على مدار الساعة. وهي وسائل مريحة واقتصادية.

x
You are looking for