فتحي سمير

 

تعد الفاو من أهم المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية، وتقع على بعد 150 كيلومترًا تقريبا من الجهة الجنوبية الشرقية لمحافظة وادي الدواسر.

تحظى القرية بأهمية تاريخية من منطلق كونها مركزًا تجاريًا مهمًا ومحطة رئيسة لقوافل الحبوب والنسيج قديمًا، ويرجع ذلك إلى موقعها الجغرافي المتميز. كانت الفاو في أزمنة غابرة نقطة عبور لقوافل سبأ ومعين وحضرموت وحمير التي كانت تتوقف في الفاو ثم تستكمل رحلاتها إلى الأفلاج واليمامة، ومنها إلى بلاد الرافدين أو الشام.

كانت القرية عاصمة مملكة كندة الأولى، إحدى الممالك العربية القديمة في نجد، وقد شهدت القرية استيطان حضارات خلّفت شواهد أثرية مهمة، وعلى رأسها المقابر التي تشتهر بها الفاو وتقع في الجهة الغربية للمدينة.

 


تعكس الأنماط الخاصة بالقبور أهمية أصحابها من ناحية المكانة الاجتماعية أو السياسية، فهناك مقابر عائلية جماعية تخص أُسرًا ذات مكانة مرموقة، وفيها القبور بعمق خمسة أمتار، وعرض متر واحد، وطول ستة أمتار. أما قبور النبلاء فتتكون من غرفتين شرقية وغربية، يتوسطهما مهبط بعمق ثلاثة أمتار ونصف متر. وفي شمال شرق المدينة تقع المقابر العامة التي تشبه المقابر الإسلامية.

تضم جدران القبور العميقة حفرًا صغيرة منقورة في الجدران تسمى "مراقي" وتستخدم في النزول والصعود إلى المقبرة. كما تتضمن بعض القبور أبوابًا وأقبية منحوتة في الأرض وغرفًا مبلطة بالجبس الأبيض، اعتاد السكان استخدامها لوضع الأشياء الثمينة التي جرت العادة قديمًا على وضعها مع أصحابها في القبور.

يرجع تاريخ الفاو إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وفقًا لتقدير الباحثين. وقد عثر بالقرية على بعض الآثار الأخرى غير المقابر، ومنها لوح كتابة معينية عثر عليه في قرية الفاو، ويرجع تاريخه للقرن الأول قبل الميلاد. كما عثر على مجموعة من الآثار والتماثيل التي تشهد على حضارة عظيمة في هذا الموقع المهم على خارطة السياحة في المملكة العربية السعودية.


x
You are looking for