تقع كامبردج، إحدى أجمل مدن إنجلترا، في مقاطعة كامبردجشاير على بعد 80 كيلومترًا شمال شرقي العاصمة لندن، في سهل منبسط منخفض، ويتجاوز عدد سكانها 130 ألف نسمة.
تحيط بكامبردج كروم العنب المترامية، ويطوِّقها نهر شهير يُعرف بنهر كام يمنحها سحرًا فريدًا، ويشكّل خلفية رومانسية خلابة للمدينة وعلامة فارقة في موقعها وفي حياة أهلها، إذ تتيح ضفافه متنفّسًا رائعًا للنزهة في الأيام المشمسة، ويحلو التجديف فيه على متن زوارق تشبه جنادل البندقية، حيث تُذكّر الجسور الكثيرة ذات الهندسة البديعة على النهر بدورها في أجواء البندقية الحالمة، كما تشكّل همزة وصل رائعة في وسط المدينة.
من هنا، جاءت تسمية المدينة «كام بردج» أي جسر كام، وهو اسم مُركّب من كلمتي: (كام Cam: اسم النهر)، و(Bridge: الجسر).
مجمّع علمي مرموق
يقترن اسم كامبردج في ذهن الأغلبية، بتلك الجامعة الإنجليزية العريقة، التي تأسست عام 1209م وتعد واحدة من أهم جامعات العالم.
تُكرّس جامعة كامبردج مع جامعة أكسفورد جوهر النظام التعليمي الإنجليزي النخبوي، وتضم 32 كلية تثير جميعها الدهشة بعلو مستواها العلمي، وبروعة مبانيها، وواجهاتها الكلاسيكية، وأروقتها المدهشة، وسحر المساحات الخضراء المحيطة بها، وحواجزها الحديدية البديعة. تشكّل مباني الكليات العتيقة، التي لا تزال حتى اليوم الأكثر إثارة للإعجاب في المدينة، نواة كامبردج القديمة، ويعكس طرازها المعماري نموذجًا حيًّا من العمارة القوطية الإنجليزية التي كانت سائدة في بداية عصر النهضة.
سحر كلاسيكي على الدوام
تأثر تطور كامبردج بحركات الاحتلال التي تعاقبت عليها، من الرومان الذين لا تزال آثار الطرق والتحصينات التي أنشؤوها قائمة، إلى الفايكنج وهم من جعلوا من المدينة معقلاً للتجارة، حتى السكسونيين الذين شهدت حقبة توليهم السلطة بناء معالم أثرية حيوية، ومنها إنشاء الأرصفة المحيطة بالنهر.
على بعد 15 دقيقة فقط سيرًا على الأقدام من محطة قطار المدينة، يغري وسط كامبردج بجولة مثيرة عبر المباني الجامعية المدهشة، التي تفرض فخامتُها وروعةُ هندستها المعمارية هيبةً ووقارًا فريدين. يتمتع وسط المدينة بسحر فريد لا يملك عشاق الفن والهندسة المعمارية إلا أن يقعوا في أسره. كلما توغل الزائر في هذه المدينة الأسطورية، تطالعه المباني التاريخية المهيبة، تحيط بها الحدائق الخضراء، ومنحوتات لأشهر الفنانين. ويأتي على رأس تلك المباني مكتبة الجامعة، وجسر الرياضيات، وهو جسر مشاة ذو تصميم فريد سابق لأوانه، أنشئ في عام 1749، ومتنزه باركرز بيس.
كما أن لهذه المدينة الآسرة وجوهًا أخرى كثيرة لا بدَّ من اكتشافها، منها أسواقها الأسبوعية، مثل: ماركت سكوير وفيشر هول. وحدائق كامبردج النباتية، وحدائق كلير كولِج، وهي مثال نموذجي للحدائق الفيكتورية.
فضاء ثقافي ثري
حافظت كامبردج التي تعيش على وقع كثير من الأحداث التاريخية والمهرجانات والأمسيات الثقافية، على سحر الريف البريطاني، وبرزت وجهًا مشرقًا لثقافة حضارية نابضة بالحياة، فجمعت من مناطق الجذب السياحي والمعالم التاريخية والمحطات الثقافية ما يحفّز على القيام بجولة شاملة في أرض الأصالة الراقية، التي تكرّس الوقار والأناقة البريطانية في كامل روعتها.
من أشهر متاحف كامبردج، متحف فيتزويليام، أحد أقدم المتاحف العامة في إنجلترا، حيث تعرض فيه نفائس من التراث المصري والإيطالي والفرنسي. ومتحف Cambridge & County Folk، ومتحف نيو هال للمجموعات الفنية، ومتحف الآثار الكلاسيكية، ومتحف سيدجويك للعلوم الطبيعية، والمتحف الجامعي لعلم الحيوان.
أما أشهر أماكن عروض الفن الدرامي في المدينة وأقدمها، فتتمثل في مسرح كامبردج كورن إكستشينج، الذي قدمت على ركحه المسرحيات منذ عام 1855، ومسرح فنون كامبردج، ومسرح The Shed، وهو أحدث مسرح في المدينة.
يمكن لعشاق المسرح أن يحضروا مهرجان شكسبير، الذي ينفرد بعرض أعمال الكاتب المسرحي الإنجليزي الأشهر، وكذلك في البهو الجامعي.
التنقل في كامبردج
جلّ وسائل النقل العام متاحة في كامبردج التي تمتلك قطار ترام يشتهر بتميزه، وتفخر بأنها عاصمة الدراجات. فالتضاريس المسطحة ساعدت على تطوير حركة مرور الدراجات على نحو سلس ومريح، فأصبحت الوسيلة الأنسب لاستكشاف معالم المدينة الجميلة وشوارعها الصغيرة. إلا أن رحلات القوارب على ضفاف نهر كام هي النشاط الأكثر شعبية في كامبردج، وهي وسيلة شائقة للتنقل عبر أنحاء المدينة الساحرة، واكتشاف مكامنها، لاسيما حين تغمر ألوان النهر الجميلة ومباهج الحياة المشرقة أنحاء هذه المدينة الساحرة.