المدن كما الناس تحمل ملامح تميزها. منها مدن ساحرة الجمال ليست كغيرها من المدن، لا يود الضيف أن يفارقها، وإن فارقها فيتمنى أن يعود إليها. مدينة لوزان السويسرية هي إحدى هذه الوجهات التي تتربع على عرش الجمال. فمن الطبيعة، إلى الإرث المعماري إلى التسوق والترفيه، سيعيش الزائر كل يوم في جو من الدهشة التي لا تنسى، بين عدد من معالم المدينة ووجهاتها التي تتعلق بها الذاكرة.
تقع لوزان في مساحة طبيعية ساحرة مؤطرة ببحيرة زرقاء تُرى من خلال سطحها الأسماك التي تتلألأ في مائها العذب. إنها بحيرة ليمان التي تشتهر باسم بحيرة جنيف، وتصنف أكبر بحيرة طبيعية في أوروبا الغربية، وتفصل بين سويسرا وفرنسا. تحيط جبال الألب بهاماتها المرتفعة البحيرة من جهة الجنوب، بينما تتمدد مزارع العنب الساحرة في مونترو على ضفافها الشرقية قرب لوزان. وبالرغم من وجه المدينة الحديث إلا أنها محاطة بروح من السكينة الريفية الهادئة التي تمنحها لزوارها.
تبعد لوزان نحو 65 كيلو مترًا عن مطار جنيف الدولي، ويواجهها من الطرف الفرنسي مدينة إيفيان، المعروفة بعيون ماء إيفيان العذبة، التي تصدِّر ماءها إلى دول العالم، ويمكن زيارتها من لوزان عن طريق الباخرة في رحلة لا تتجاوز 35 دقيقة بين شاطئين ساحرين.
معالم ومتاحف
ظلت مدينة لوزان عاصمة للأولمبياد لمئة عام، لكن المتحف الأولمبي لم يُفتتح إلا في عام 2003، ليجمع كثيرًا من الأعمال الفنية المتعلقة بالرياضات الأولمبية في ساحته. داخل المبنى المكون من ثلاثة طوابق، سيفاجأ الزائر بأكثر من 150 شاشة لعرض الأنشطة المتعلقة بالأولمبياد، فضلاً عن المعرض الخاص الذي يضم أدوات أهم أبطال الأولمبياد الرياضية. بعد جولة الزائر في المتحف، يمكنه الاستراحة في المقهى الأولمبي المطل على بحيرة ليمان، واقتناء بعض الهدايا التذكارية، والتنزه في الحديقة الملحقة بالمتحف.
على بعد دقائق إلى جهة الشمال يقع متحف تاريخ لوزان الذي كان سجنًا قديمًا قبل أن يتحول إلى متحف، لكنه لا يزال يحتفظ بجزء مهم من تاريخه الغابر المتجسد في الزنازين وأدوات السجن، كالسلاسل، والأبواب الحديدية. يحتوي المتحف، المزين بالنقوش والتماثيل واللوحات التي تمثل الحياة في لوزان، على أعمال الخزفيات والأسلحة والنقوش والرسومات والصور والمفروشات. وفيه مجسم كامل مجهز بالإضاءة والصوت لمدينة لوزان القديمة بأسوارها وقلاعها، وعروض سمعية وبصرية لتسهيل الحصول على المعلومات.
يحلو للمتنزهين التقاط الصور التذكارية على جسر بيسيغيه الذي يقع على بعد خطوات من المتحف.
انطلاقًا من موقع الجسر لا يزال الزائر في هذه الجولة على بعد دقيقتين فقط سيرًا على الأقدام من قصر رومين التاريخي، الذي يضم حاليًا خمسة متاحف، وقد كان القصر سابقًا مقرًا لجامعة لوزان. يضم القصر صالات لمعارض العلوم الطبيعية، حيث الهياكل العظمية لأنواع من الحيوانات والكائنات الحية كالديناصورات والفيلة والطيور، إضافة إلى صالات للفنون، ومكتبة كبيرة. يتميز القصر بمعماره الجميل شأن كثير من المباني القديمة في المدينة، وعلى رأسها مبنى قلعة سانت ماري، الذي يرجع تاريخه إلى نحو 600 عام، ويعد الآن مركزًا للخدمات الحكومية.
خارج حدود لوزان يقع متحف شارلي شابلن في منطقة كورسييه سور فيفاي إلى الشرق من المدينة على بعد نحو 20 كيلومترًا بمرتفعات بحيرة ليمان. هناك حيث أمضى نجم الأفلام الصامتة شارلي شابلن نحو 25 عامًا من حياته مع زوجته وأبنائه قبل وفاته.
متنزه أكواريوم
على بعد نحو ثلاثة كيلومترات إلى جهة الشمال، يقع متنزه الأكواريوم التعليمي الترفيهي. وقد جرى تصميمه على شكل قطرة ماء تتشكل فيها دورة الحياة من الأعلى إلى الأسفل. يتكون المتنزه من 46 حوضًا من الماء، تضم آلاف الأنواع من الكائنات البحرية أغلبها من الأسماك. بينما يعد متنزه بارك دي مون ريبوس أحد مواقع التنزه الرئيسة في لوزان، إذ يضم نحو 70 نوعًا من الطيور، وشلالاً، وبرج قوطي.
عالم التنزه والاسترخاء
على ساحل البحيرة تقع منطقة أوشي التي تعد أحد المواقع المفضلة للتريض والتنزه عند أهل لوزان والسائحين، حيث المرفأ الذي يشهد نقل المسافرين إلى الساحل الفرنسي المقابل. تحظى المنطقة بجمال فريد يتعزز بإطلالة البحيرة ومرفئها، والمنطقة المخصصة للمشاة والتي عززها تناثر الفنادق الفاخرة ذات المباني التاريخية المهيبة التي تمنح المتنزهين فرصة الاستمتاع في مقاهيها ومطاعمها المتميزة أمام هذا المشهد الفريد.
تشتهر لوزان بأنها وجهة فريدة للرعاية الصحية والاسترخاء، فتنتشر فيها العيادات الصحية المتخصصة، وفي فنادقها الأندية الصحية التي تقدم خدمة العلاجات والعناية بالجمال، حتى إنها باتت مقصدًا شهيرًا للباحثين عن الاستجمام، إذ تتباهى بعض الفنادق العريقة في المدينة بما تتيحه لزوارها من خدمات متخصصة في هذا الإطار.
وجهة التسوق والترفيه
يكتظ قلب المدينة بالأسواق التي تتفرق في شوارعها، وتضم المحال التي تبيع العلامات التجارية المعروفة، من منتجات الملابس والعطور والساعات والجواهر. لكن شارع بورغ يظل شارع التسوق الرئيس في البلدة القديمة، مع الشوارع المحيطة به، حيث تفتح كثير من المتاجر أبوابها للزوار مرحبة بهم.
تجربة السياحة في المدينة تعززها المهرجانات التي طورتها حكومة لوزان حديثًا بدءًا من عام 2017، والتي تشمل نحو 400 نشاط مجاني، لتشجيع الزوار على قضاء أوقات ماتعة في ربوع مدينة الجمال الساحرة لوزان.