تتباهى قرية "آل ينفع" التراثية بسحر خاص يجسد عبق التاريخ والحضارة في منطقة عسير، حيث تقع هذه القرية الجميلة على مسافة تبلغ نحو 45 كيلومتر من مدينة أبها، مانحةً زوارها فرصة الغوص في عمق التراث العمراني الفريد لهذه المنطقة. أصبحت القرية، بعد أعمال ترميم واسعة النطاق، تزهو بمبانيها الأثرية المجددة، ومساجدها العريقة، وقلاعها التاريخية، مشكلةً لوحة فنية تحكي قصص الماضي بلغة الحاضر.
بدأت أعمال تأهيل "آل ينفع" بإعادة تكسية الممرات والساحات بالحجارة التقليدية، وتجهيزها بأنظمة إضاءة تلائم قيمتها التراثية، ما يضيف إلى القرية رونقًا وجاذبية في الليل كما في النهار. كما شملت عمليات التجديد أعمال الزراعة التي تضفي مساحات تزينها الخضرة على جنبات القرية، ما يجعلها واحة تراثية تفوح بعبير التاريخ وجمال الطبيعة.
يعكس تطوير "آل ينفع" جزءًا من رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنشيط السياحة وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال إحياء التراث وجعله محورًا لجذب السياح من مختلف أنحاء العالم. تُعد القرية، بمساحتها التي تزيد عن 60 ألف متر مربع، مثالاً على كيفية الجمع بين الحفاظ على الأصالة واستخدام التقنية الحديثة لخدمة التراث.
يمكن للسياح القادمين إلى "آل ينفع" التجول بين أروقة الماضي، مستكشفين الأسرار التي تخبئها الجدران العتيقة، ومتأملين في الهندسة المعمارية الفريدة التي تعكس ثقافة وفن عسير. لا تقدم هذه القرية رحلة عبر الزمن فحسب، بل توفر أيضًا فرصة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة، والمناخ المعتدل الذي يجعل من كل زيارة تجربة لا تُنسى.
تشكل الجهود المبذولة لتحويل "آل ينفع" إلى وجهة سياحية تراثية خطوة هامة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة، وتمثل نموذجًا يُحتذى به في الحفاظ على التراث الثقافي واستغلاله على نحو يعود بالنفع على المجتمعات المحلية من ناحية، ويدعم الاقتصاد الوطني من ناحية ثانية، ما يسهم في تعزيز مكانة المملكة بوصفها مركزًا سياحيًا عالميًا في العقود القادمة.
يشار إلى أن التجديدات والتحسينات التي شهدتها قرية "آل ينفع" لم تقتصر على البُنى التحتية والمظاهر الجمالية فحسب، بل امتدت لتشمل إعادة إحياء الفنون والحرف التقليدية التي تشتهر بها المنطقة. فقد جرى تأسيس ورش عمل ومعارض للحرفيين المحليين لعرض منتجاتهم من النسيج والفخار والنقوش الخشبية، ما يوفر للزائرين فرصة فريدة للتعرف على هذا الجانب الثقافي المميز، وفي الوقت نفسه، يدعم هذا الأمر الاقتصاد المحلي من خلال توفير مصدر دخل مستدام للحرفيين.